يُلازمنا الشعور بالحرمان من النوم في عالمٍ مُتسارعٍ، لكن هل فكّرتَ يومًا أن أفكارنا عن النوم قد تكون هي المُحدّد الأساسيّ لشعورنا بالراحة أو التعب؟
تُسلّط دراسات حديثة الضوء على جانبٍ جديدٍ من جوانب النوم، مُشيرةً إلى أنّه ليس مجرّد عدد ساعاتٍ نقضيها في النوم، بل تتعدّى ذلك لتشمل تصوراتنا عن النوم وتوقّعاتنا بشأن تأثيره على يومنا التالي.
تُؤكّد الدكتورة نيكول تانغ، مديرة مختبر “وارويك” للنوم والألم في جامعة وارويك، على أنّ فكرة “النوم الجيّد” مُجرّدةٌ من أيّ معيارٍ دقيقٍ.
وتُشير إلى أنّ تجربة النوم لا تقتصر على عدد الساعات التي نقضيها في النوم، بل تتأثّر بما نفعله قبل النوم وبعده، وبأفكارنا ومشاعرنا تجاه النوم بشكلٍ عام.
الأرق المُتناقض: التعب رغم النوم بشكلٍ كافٍ
يُعدّ “الأرق المُتناقض” من الظواهر التي حيّرت العلماء لسنواتٍ طويلةٍ، حيث يُعاني بعض الأشخاص من التعب والإرهاق رغم حصولهم على عدد ساعات نومٍ طبيعيّ.
وتُفسّر الدراسات هذه الظاهرة بأنّ القلق المُفرط حيال النوم، وتوقّع المرء لليلةٍ سيئةٍ، يُمكن أن يُسبّب التوتّر ويُؤدّي إلى الشعور بالتعب، حتى لو كان نومُه مُتوافقًا مع المُعدّلات الطبيعيّة.
هل تُوجد “قواعد” ثابتةٌ للنوم؟
يُحذّر ديفيد سامسون، عالم الأنثروبولوجيا التطوريّة بجامعة تورنتو، من فكرة تحديد “قواعد” عالميّةٍ لعدد ساعات النوم، مُشدّدًا على أنّ النوم يختلف من شخصٍ لآخر، ويتأثّر بعوامل مُتعدّدةٍ مثل العمر، والصحة، ومُستوى النشاط البدنيّ.
كما يُشير سامسون إلى دراساتٍ أجريت على مجتمعاتٍ بدائيّةٍ، حيث ينام أفرادها لساعاتٍ أقلّ من مُعدّلات المجتمعات الحديثة، دون أن يُعانوا من مشاكلَ في النوم أو من التعب المُزمن.
التركيز على الأفكار السلبيّة يُفاقم من مشكلة النوم
تُشير الأبحاث إلى أنّ الأشخاص الذين يُركّزون على الأفكار السلبيّة حول النوم، مثل القلق من عدم الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم أو الخوف من الاستيقاظ مُتعبين، يُصبحون أكثر عرضةً لمُواجهة صعوباتٍ في النوم، كما يُصبحون أكثر حساسيّةً لأيّ إشارةٍ قد تُشير إلى قلّة النوم.
التعامل مع الأفكار السلبيّة حول النوم
- تقبّل حقيقة أنّ النوم ليس مثاليًا دائمًا: من الطبيعيّ أن نُواجه بعض الليالي التي ننام فيها بشكلٍ سيءٍ، وهذا لا يعني أنّنا سَنُعاني من التعب والإرهاق طوال اليوم التالي.
- تجنّب مراقبة الساعة بشكلٍ مُستمر: يُمكن لمُراقبة الساعة بشكلٍ مُتكرّرٍ أن تُزيد من التوتّر والقلق، مما يُصعّب من عمليّة النوم.
- ممارسة تمارين الاسترخاء: تساعد تمارين الاسترخاء، مثل تمارين التنفّس العميق أو استرخاء العضلات، على تهدئة العقل والجسم، وتُسهّل من النوم.
نصائح إضافية لتحسين جودة النوم:
- الحفاظ على جدولٍ زمنيّ مُنتظمٍ للنوم: حاول الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت كلّ يومٍ، حتى في عطلة نهاية الأسبوع.
- تهيئة بيئة نومٍ مُريحةٍ: احرص على أن تكون غرفة نومك مُظلمةً وهادئةً وباردةً.
- تجنّب تناول الكافيين والنيكوتين قبل النوم: تُؤثّر هذه الموادّ على جودة النوم، لذا يُفضّل تجنّبها قبل النوم.
تُعدّ جودة النوم من أهمّ العوامل التي تُؤثّر على صحتنا ونشاطنا. ولتحسين جودة نومك، لا تكتفي بالتركيز على عدد ساعات النوم، بل اعمل على تغيير أفكارك السلبيّة حوله، واحرص على اتّباع عادات نومٍ صحّيةٍ.
المصدر: BBC