هذه بعض السلوكيّات في الأطفال، تمكننا من التعرف المبدئي والمبكر، على الأطفال الذين يعانون من اضطراب سلوكي. منها رفرفة اليدين، أو وضع أصابع السبابتين في فتحة الأذنين، بشكل متكرر، أو إغلاق الاذنين بوضع الكفين عليهما!
أيضاً، عدم استجابة الطفل عند المناداة عليه، والاستجابة السريعة للموسيقى، وعدم الجلوس على الكرسي بشكل منتظم، مخالفة النمط الحركي للمجموعة، النقر على الرأس بمشبك اصابع اليد، عدم إدراك المخاطر، القفز والحركة المتواصلة أو الخمول التام وعدم المشاركة، كلها سلوكيات للتشخيص المبكر.
كذلك الصراخ بدون مبرر، أو الضحك الانفعالي الهستيري وسلوكيات إيذاء النفس او المحيطين بالطفل.. تصرفات متهورة داخل بيئة الطفل، مثل كسر شاشة التلفزيون او الكومبيوتر، كسر القلم ورفض التعلم، أو استخدام اسلوب الشخص الثالث، مثلاً (الطفل يرفض أن يقول أنا أخاف او انا أحب.. بل يقول أحمد يخاف.. احمد يحب اي بمعنى اخر يستخدم اسمه كشخص ثالث.. ينكر ذاته او يوصف ذاته بالجبان او العاجز، فيقول احمد لا يقدر.. احمد جبان.. الخ كل هذه السلوكيات والمزيد منها هي مؤشر يستدعي متابعة أولياء الأمور والمعلمين، بالإضافة طبعا إلى حالات العدوان والسلوك الاندفاعي كالإزعاج والفوضى والحركة الزائدة وكذلك السلوك الانسحابي واضطرابات المزاج وسوء التوافق.
تقديرات المدرسة وأولياء الأمور
أحياناً تقديرات المعلمين والاباء قد يكون فيها شيء من التحفظ او المبالغة وهذا يتطلب تقديم قوائم مراجعة واستبيانات من أجل تحديد المشكلات التي يمكن ملاحظتها من قبل الاباء والمعلمين..
كثير من اولياء الامور خوفا من التصاق السمعة السيئة به او بطفله يرفض الاعتراف او التعاون مع المدرسة الامر الذي يزيد الأمور تعقيداً، ويدخل الطفل بنفق من الاضطرابات السلوكية الاضافية لانعدام التوافق مع زملاء المدرسة او الاخوة بالبيت وممكن ان يقع الطفل داخل دوامة التنمر من بقية زملاء المدرسة، لذلك فإن التعاون بين أولياء الأمور والمعلمين في المدرسة من أجل الاكتشاف المبكر للاضطراب السلوكي للطفل يحمي الطفل ومستقبله بالدرجة الاولى وايضا يسهل من طرق العلاج المبكر بعد التشخيص.
إحصاءات
تبين الدراسات في السويد ان نسبة 43.3 من حالات المجرمين كان سببها تأخير او انعدام تشخيص الاضطراب السلوكي المبكر للطفل وذلك حسب مؤسسة مسح الأمن القومي السويدي NTU لسنة 2022.
ومن المؤكد ان تقديرات الاباء والمعلمين للأفراد المضطربين سلوكيا تكون ذات جدوى، عندما يكون السلوك المضطرب موجها نحو الخارج، كالعدوان والتخريب والحركة الزائدة، أما في حالة اضطرابات السلوك الموجهة نحو الداخل والذي يتطلب من الشخص وصفا للذات من خلال ما يحس به ويشعر فان التقدير الذاتي يكون أفضل.
التشخيص
ولكن التشخيص الدقيق للأشخاص من ذوي الاضطرابات السلوكية يتم من قبل المختصين في التربية الخاصة او المختصين في التربية وعلم النفس، وذلك من أجل وضع خطة علاجية وتربوية لمساعدتهم، ومن أجل الحكم على الافراد بأنهم يعانون من اضطرابات في السلوك لابد ان يتكرر السلوك المضطرب مرارا وفي اوقات مختلفة على الاقل لمدة 6 أشهر، وممكن ان يستمر لفترة أطول في بعض الحالات.
فالطفل حين يتصف بدرجة معقولة من الانطوائية فان ذلك يعد امرا عاديا، اما إذا تكرر عنده السلوك الانطوائي واستمر لفترة طويلة بحيث يؤثر على علاقته بمن حوله ويسيء الى علاقته بالأخرين فان ذلك يصبح عرضا لاضطراب سلوكي واجتماعي.
ما هو مقياس بيركس؟
ولكن التشخيص الدقيق للأفراد من ذوي الاضطرابات السلوكية يتطلب استخدام عددا من المقاييس المقننة مثل مقياس بيركس.
ويهدف هذا المقياس الى قياس وتشخيص مظاهر الاضطرابات السلوكية للأفراد من سن السادسة وأكثر وهو مقياس يطبق بشكل فردي ويستغرق تطبيقه وتصحيحه جدول زمني يحدده المختص السلوكي.
يتألف المقياس من (110 فقرة) موزعة على (19مقياسا) فرعيا، وقد توفرت للمقياس دلالات صدق وثبات عالية في صورته الاصلية، ويطبق المقياس من قبل الفاحص..
ولكن كل هذا وذاك يتوقف على مدى تعاون الام والاب والمعلم وتبادل المعلومات بينهم عن سلوكيات الطفل في البيت والمدرسة وصولا إلى صورة متكاملة تنقل للأخصائي الاجتماعي في المدرسة ومن ثم المختص السلوكي او النفسي في المستشفى او المركز الصحي.
متابعة الطفل في البيت والمدرسة سلوكيا ومواكبة برنامج تطوير الطفل (utveckling samtal) كلها تساهم في تقديم المساعدة المبكرة لطفلك قبل أن يتم تسميته بطفل ذي نزاعات إجرامية، خصوصا ان القوانين الجديدة في السويد ستكون بالغة الصرامة في التعامل مع الاطفال ذوي النزعات الاجرامية (kriminellt benägenhet).
التفاهم والتعاون
التفاهم مع المعلمة والباحث الاجتماعي kurator في المدرسة كلها تساعد في تحديد التشخيص المبكر لاضطراب سلوكيات أطفالنا. وهذا لا يعني ان كل ما ذكرته من هذه السلوكيات هو مقدمة لحالات مرضية.. هناك بعض الاطفال لديهم تأخر نمو ذهني او مهاراتي، كالطفل المولود بالأشهر الأخيرة من السنة كنوفمبر او ديسمبر عادة هؤلاء الاطفال متأخرين عن اقرانهم في المدرسة 11 شهراً، وعليه مراعاة هذا الفارق الزمني قبل أن نحكم على الطفل باضطراب سلوكي.
أيضا الأطفال يحتاجون أكثر من غيرهم لتدريبات التواصل البصري والتواصل الذهني والتواصل الجسدي.
ضعف القدرة التعبيرية، وأحيانا عدم تحديد الهوية الجنسية للطفل، مثلا طفل يفضل اللعب مع البنات او طفلة لا ترغب اللعب بألعاب الفتيات، وإنما تميل الى ألعاب الاولاد كل هذا وذاك لا يمكن أن يكون دليلاً على اضطراب سلوكي او اضطراب الهوية الجنسية، ولكن بالمتابعة وتنمية المهارات يمكن الوقوف على حدود النقص ومعالجته.
كلمة أخيرة
وكلمة أخيرة لكل الاباء والأمهات لا تكثروا من قول لا لأطفالكم! لأنها تدرب طفلك على العناد، وتنمية سلوك التحدي ومخالفة المعايير وتقلل من مهارات الاكتشاف والتعلم.
درّب طفلك على مهارة اكتشاف وظائف الأشياء، بدل كلمة (لا تعمل) (لا تتحرك) (لا تقول هذا) (لا تشاهد هذا)، (لا تسمع)!.
فتقليد الكتابة بعد المعلم هو الافضل ويختلف عن طريقة نسخ الحرف من الكراس وبالتأكيد الإملاء اللفظي هو الاصعب.
في دول المهجر يقع على الوالدين عبء كبير، فالأب والأم يتحملون مسؤولية تعويض المجتمع الأم، واللغة الأم، وقيم وأخلاق المجتمع الأم.
في بلداننا المدارس للعربية والتعليم، في أوربا المدرسة للتعليم واذا كان هناك تربية فستكون على قيم وسلوكيات المجتمع المضيف لذلك أطفالنا بحاجة إلى الوقت النوعي وانماط تربية إضافية للوصول الى التوازن السلوكي للفرد بين مجتمعين مختلفين .