SWED24: تلعب العلاقات الشخصية بين زعماء العالم دوراً رئيسياً في المفاوضات الدولية، حيث لا تقتصر السياسات الخارجية على المصالح الوطنية فحسب، بل تتأثر أيضاً بالعواطف، والإيماءات الشخصية، والكيمياء بين القادة.
يُعرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحبه للإطراء والتفاخر، لكنه في المقابل لا يتقبل المعارضة بسهولة. وهو ما كان واضحاً خلال اللقاء المتوتر مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، والذي وصفه الأخير بأنه “مؤسف” وأعرب عن رغبته في تصحيح المسار.
يرى فريدريك ويسلاو، الباحث في مركز دراسات أوروبا الشرقية، أن ترامب يحمل رؤية خاصة للنظام العالمي، حيث يعتقد بأن الدول المجاورة للقوى العظمى يجب أن تخضع لنفوذها.
ويضيف: “ترامب ليس مهتماً كثيراً بأوكرانيا، ويبدو أنه يريد انسحاب الولايات المتحدة من التزاماتها الأمنية في أوروبا. وما حدث في الاجتماع الأخير مع زيلينسكي كان مجرد وسيلة لدفع هذه السياسة”.
الإطراء الملكي.. كيف كسب ستارمر ودّ ترامب؟
تفضيلات ترامب الشخصية تؤثر بشكل مباشر على تعاملاته مع القادة الآخرين. فهو يحب الفخامة والمراسم الملكية، وهو ما استغله رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عندما قدم له رسالة دعوة شخصية من الملك تشارلز خلال زيارته للبيت الأبيض.
يقول ويسلاو: “كان يمكن رؤية مدى سعادة ترامب بتلقيه الدعوة الملكية. إنه يحب هذا النوع من التقدير”.
ويُذكّر ويسلاو بموقف مشابه، عندما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ترامب إلى العيد الوطني لفرنسا خلال فترة ولايته الأولى، حيث أقيمت عرض عسكري ضخم في باريس لإبهاره وكسب دعمه.
ويضيف: “مثل هذه اللفتات تلعب دوراً كبيراً في التأثير على ترامب وكسبه إلى صفك”.
سياسة التخويف.. كيف استخدم بوتين نقطة ضعف ميركل؟
لكن العلاقات بين القادة ليست دائماً قائمة على الإطراء، فقد يتم استغلال المخاوف الشخصية لإضعاف موقف الطرف الآخر في المفاوضات.
يُشير ويسلاو إلى مثال على ذلك، عندما أحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلبه اللابرادور خلال لقائه مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، رغم معرفته بأنها تعاني من رهاب الكلاب.
ويعلق: “كان ذلك تكتيكاً واضحاً من بوتين لزعزعة استقرار ميركل وإرباكها قبل بدء المحادثات”.
تماماً كما يستخدم بوتين التخويف، فإن ترامب لا يتحمل المعارضة أو التحدي المباشر. يرى ويسلاو أن زيلينسكي، في لقائه الأخير مع ترامب، ارتكب خطأً فادحاً عندما أظهر مقاومة واضحة لسياسته.
ويختتم الباحث حديثه قائلاً: “ترامب لا يتقبل الاعتراض، وما حدث مع زيلينسكي أعطاه مبرراً ممتازاً للتراجع عن دعم أوكرانيا والمضي قدمًا في تطبيع العلاقات الأمريكية مع روسيا”.
من الواضح أن العلاقات بين القادة ليست مجرد اجتماعات رسمية واتفاقيات مكتوبة، بل تتأثر أيضاً بالكاريزما، والنقاط العاطفية، وحتى التكتيكات النفسية. وفي عالم السياسة، قد تكون إيماءة صغيرة أو لقاء رسمي واحد كفيلة بتحديد مسار دول بأكملها.