منذ 11 أيلول/سبتمبر 2022، تنشر حسابات ناطقة بالفرنسية على تويتر مقطع فيديو تزعم أنه يظهر “مظاهرة إسلاميين” تجمعوا في مالمو في السويد من أجل “التظاهر ضد صعود اليمين المتطرف”. وفق موقع france24.
وفي الحقيقة، تظهر هذه الصور تجمعا دينيا شيعيا لإحياء ذكرى الإمام الحسين (عليه السلام). وتكررت هذه الحفلات عدة مرات في المدينة، ولا علاقة لها بالانتخابات التشريعية التي جرت في السويد الأحد الماضي.
عملية التحقق في سطور
- منذ 11 أيلول/ سبتمبر 2022، تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية في السويد، تنشر حسابات على تويتر ناطقة بالفرنسية ومساندة لليمين المتطرف مقطع فيديو يظهر تجمعا في إحدى الساحات بمدينة مالمو في السويد. وحسب أصحاب هذه المنشورات، فإن هذه الصور تظهر “مظاهرة إسلاميين” احتجوا على صعود اليمين المتطرف في البلاد.
- تتيح أدوات تحديد المواقع الجغرافية تأكيد أن هذه الصور التقطت بالفعل في مالمو. ولكن عدة تفاصيل بصرية داخل المقطع المصور تتحدث عن ذكرى دينية شيعية يتم إحياؤها بشكل دوري في المدينة. وبالبحث على يوتيوب عن صور حديثة للفعالية الشيعية، ومقارنته مع مقطع الفيديو المنشور على يوتيوب، من المحتمل أن هذا الفيديو لا علاقة له أبدا بالانتخابات التشريعية. ويتعلق الأمر بتجمع ديني جرى في 10 أيلول/ سبتمبر 2022 من طرف الجالية الشيعية المقيمة في مالمو لإحياء ذكرى الإمام الحسين.
عملية التحقق بالتفصيل
حسب بعض النتائج الجزئية، حصل حزب سفاريا ديموكراتنا في السويد على قرابة 20.5 بالمئة من الأصوات المصرح بها في الانتخابات التشريعية التي جرت في 11 أيلول/ سبتمبر 2022. وفي انتظار التأكيد، فإن هذه النتيجة التاريخية ستجعل الحزب اليميني المتطرف الذي يتزعمه جيمي أكيسون، ثاني قوة سياسية في السويد.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، أدت هذه الأخبار إلى ردود فعل حتى خارج حدود البلاد. ويتعلق الأمر بفرنسا تحديدا، حيث نشرت بعض الحسابات على تويتر من تلك التي تبدي دعمها لليمين المتطرف في 11 أيلول/ سبتمبر 2022 مقطع فيديو. وحصدت هذه الصور أكثر 300 ألف مشاهدة حتى الآن، وتظهر عددا كبيرا من النساء يرتدين حجابا أسودا وبعض الرجال يرفعون أعلاما كتبت عليها بعض العبارات باللغة العربية.
ولكن حسب أصحاب هذه الحسابات الناطقة بالفرنسية التي نشرت هذه الفيديو، فإن الأمر يتعلق بمظاهرة تم تنظيمها في السويد من قبل “إسلاميين تحركوا ضد صعود اليمين المتطرف”.
لفهم ما تظهره هذه الصور بالفعل، يجب في البداية تحديد موقع التقاطها (انظر هنا كيف يمكن القيام بذلك). ويسمح النحت الظاهر في خلفية المشهد بالخصوص بتأكيد أن مقطع الفيديو التقط بالفعل في مدينة مالمو في السويد وبالتحديد في ساحة تقع خلف رواق الفنون بمدينة مالمو.
ولكن بعض التفاصيل تجعلنا نشك في الادعاءات المنشورة على تويتر من قبل حسابات مقربة من اليمين المتطرف، وخصوصا فيما يتعلق بوجود أعلام تحتفي بذكرى الإمام الحسين. وبالنسبة للمسلمين الشيعة، فإن الحسين حفيد النبي محمد يعد شهيدا بعد مقتله في معركة كربلاء التي تمثل إيذانا بتشكيل الطائفة الشيعية.
ويفتح ذكرى وفاته فترة حداد تستمر أربعين يوما، تضم أياما مهمة بعينها على غرار عيد “عاشوراء” الديني الذي يتم الاحتفال به كل عام من طرف الطائفة الشيعية في عدة بلدان حول العالم. وهذا العام، تمتد فترة إحياء ذكرى الإمام الحسين بعد شهرين آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر.
وتنتهي فترة الحداد هذه بعيد الأربعين الذي يتوافق مع نهاية فترة الحداد بأربعين يوما. ومن خلال البحث عن عبارات “أربعين مالمو” على يوتيوب، نعثر على عدة مقاطع مصورة تظهر التجمعات الدينية الشيعية التي جرت بينها في سنوات 2013 و2018 وأيضا في العام 2021.
هذا العام تم تنظيم هذا التجمع الديني في شوارع المدينة في يوم 10 أيلول/ سبتمبر. وتم تسجيل هذا الحدث في بث مباشر على يوتيوب. ونجد مكان انطلاق التجمع وهو نفسه الموجود على مقطع الفيديو الذي تداولته حسابات ناطقة بالفرنسية على تويتر. وتوجد عدة تفاصيل مشتركة في مقطعي الفيديو: ويتعلق الأمر بالشارة البيضاء والعلامة البيضاء الموجودة في قميص رجل يرتدي ملابس سوداء بالكامل، أو من خلال اللافتات الرقمية واللافتات المعلقة على سيارة.
وعلى البث المباشر على يوتيوب، نلاحظ أيضا وجود الأعلام التي تحتفي بالإمام الحسين ونسمع أيضا المشاركون في التجمع يصيحون “لبيك يا حسين” تكريما لشهيدهم.
وفي الخلاصة، فإن هذا المقطع المصور الذي زُعم أنه يتعلق بـ”مظاهرة إسلاميين معارضين لليمين المتطرف” قد التقط بالفعل في مدينة مالمو السويدية يوم 10 أيلول/ سبتمبر 2022. ولكن هذه الصور تظهر في الحقيقة تجمعا دينيا شيعيا جرت عدة مرات خلال الأعوام الأخيرة الماضية في شوارع المدينة.
وعكس ما تؤكده حسابات مقربة من اليمين المتطرف، فإن الأمر يتعلق بمظاهرة لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالانتخابات التشريعية التي جرت في السويد.