في تحقيق استقصائي صادم بثّه برنامج “Kalla fakta” على القناة السويدية SVT، كُشف النقاب عن تورط قسم الاتصالات في حزب ديمقراطيي السويد بنشر معلومات مضللة عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي باللغة العربية.
وأظهرت تسجيلات صوتية تم الحصول عليها بواسطة كاميرا خفية داخل مقر الحزب، موظفين في قسم الاتصالات يناقشون كيفية نشر معلومات مضللة تستهدف العرب، وذلك خلال فترة الانتخابات.
وكان من المُخطّط نشر تلك المعلومات عبر مواقع إلكترونية باللغة العربية بحيث تتضمن ادعاءات كاذبة، مثل اتهام الحزب الاشتراكي الديمقراطي بدعم زواج المثليين وتغيير الجنس للأطفال.
وخلال التحقيق، الذي استمر لمدة عام، تمكن فريق “Kalla fakta” من رصد 23 حسابًا على وسائل التواصل الاجتماعي يديرها قسم الاتصالات في حزب ديمقراطيي السويد دون الكشف عن هويتهم الحقيقية.
وتشير المعلومات التي تم الحصول عليها إلى أن عدد الحسابات التي يديرها الحزب قد يصل إلى 100 حساب، لكن لم يتم التأكد من هذا الرقم بدقة.
وتشمل هذه الحسابات 13 حسابًا على “تيك توك”، و3 حسابات على “يوتيوب”، و3 حسابات على “انستجرام”، و4 حسابات على “فيسبوك”. ومن بين هذه الحسابات، تم تحديد هوية حسابين هما “Vita kränkta kvinnor” و”Politiskt inkorrekt”.
“يريد أن يصبح أطفالكم مثليين”: مخططات مُضللة تستهدف العرب
وخلال أحد التسجيلات الصوتية، يُسمع أحد الموظفين، ويدعى فيلغوت، وهو يقترح إنشاء مواقع إلكترونية باللغة العربية لنشر معلومات مضللة عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وقد جاء على لسانه في أحد هذه التسجيلات: “يجب إنشاء مواقع إلكترونية باللغة العربية تشرح أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي يريد أن يصبح أطفالكم مثليين، ويُجروا عمليات تغيير جنس، ويتزوجوا من أبناء عمومتهم”.
ويرد عليه لينوس، وهو موظف آخر في القسم، قائلاً: “سنفعل ذلك في الحملة الانتخابية، بالتأكيد”.
ويكشف التحقيق أن فيلغوت قام بالفعل بتسجيل اسمي نطاق “wakeuparabs.se” و”wakeuparabsinsweden.se”، ويقترح نشر روابط هذه المواقع على منشورات ورقية تحث على “المقاومة العنيفة” ضد الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
ويقترح فيلغوت كتابة العبارات التالية باللغة العربية: “الحزب الاشتراكي الديمقراطي يخوننا، يجب علينا مقاومة الحزب الاشتراكي الديمقراطي بالقوة”.
ويقترح لينوس كتابة دليل باللغة العربية بعنوان “كيف تقوم بانقلاب على الفرع المحلي للحزب الاشتراكي الديمقراطي”.
من “تيك توك” إلى “Riks”: شبكة مؤثّري الحزب
كشف التحقيق عن قيام حزب ديمقراطيي السويد بتوظيف اثنين من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر محتوى سياسي دون الإفصاح عن ارتباطهم بالحزب.
ويمول الحزب هذه الأنشطة من خلال التمويل الحكومي المخصص للأحزاب السياسية.
وتُركز الحسابات المجهولة التابعة لحزب ديمقراطيي السويد على نشر محتوى معادي للأجانب، ومعلومات مضللة عن السويد، بالإضافة إلى مهاجمة سياسيين من أحزاب أخرى.
ويُشير التحقيق إلى أن موظفي قسم الاتصالات في حزب ديمقراطيي السويد يعتبرون الفكاهة أداة فعالة لاستقطاب الشباب إلى الحزب.
كما كشف التحقيق عن قيام قسم الاتصالات في حزب ديمقراطيي السويد بشراء هواتف محمولة جديدة لموظفيه بهدف تجاوز الحظر الذي فرضته منصة “تيك توك” على الكتائب الإلكترونية التابعة له.
وخلال موقف آخر، وبّخ رئيس قسم الاتصالات، يواكيم والرشتاين، اثنين من موظفيه لقيامهما بإرسال أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهما للإصلاح، خوفًا من كشف المحتوى الموجود على أجهزة الكمبيوتر وإثارة الجدل في وسائل الإعلام.
ويكشف التحقيق عن قيام موظفي القسم باستخدام تقنية التزييف العميق (Deepfake) لتغيير أصوات خصومهم السياسيين وإنتاج مقاطع فيديو مفبركة. فعلى سبيل المثال، تم إنتاج مقطع فيديو مزيّف تظهر فيه ماغدالينا أندرسون، رئيسة الوزراء السابقة، وهي تقول أشياء لم تتفوه بها قط.
كما يكشف التحقيق عن وجود صلات وثيقة بين قسم الاتصالات في حزب ديمقراطيي السويد وقناة “Riks” على يوتيوب، والتي تُقدّم نفسها على أنها قناة مستقلة.
ويُشير التحقيق إلى أن المحتوى الذي تبثه قناة “Riks” يُعدّ جزءًا أساسيًا من أنشطة مصنع الكتائب الإلكترونية التابع لحزب ديمقراطيي السويد، وأن موظفي القسم لديهم حق الوصول المباشر إلى أنظمة قناة “Riks” التقنية.
“حديث جانبي” أم مخطط مُتعمّد؟ زعيم الحزب ينفي التهم
ردًا على هذا التحقيق، وصف جيمي أوكيسون، زعيم حزب ديمقراطيي السويد، ما ورد في التسجيلات الصوتية بأنه “حديث جانبي” و”ثرثرة في غرف الاستراحة”. ووصف التحقيق بأنه “عملية تضليل”.
ويزعم أحد موظفي القسم أن جيمي أوكيسون على علم بأحد الحسابات المجهولة التابعة للحزب، وأن هناك موافقة من قبل قيادة الحزب على هذه الأنشطة. لكن أوكيسون نفى هذه المزاعم، واصفًا إياها بأنها “افتراء” من الموظف.
وتثير تلك القضية تساؤلات عديدة، منها: كيف ستتعامل السلطات السويدية مع هذه القضية الحسّاسة، وهل ستُسفِر هذه الفضيحة عن محاسبة المسؤولين في حزب ديمقراطيي السويد، أم ستُطوى القضية دون محاسبة؟
المصدر: tv4.se