لم تكن لينا تتوقع أبدًا أن تُجَرّد من كل شيء وتقف وحيدة في قفص الاتهام، مُتهمةً بجريمة لم ترتكبها. فقد بدأت قصتها كحكاية حب افتراضية، ثم تحولت إلى كابوس قضائي كاد أن يُدمر حياتها.
تعرفت لينا، وهي سيدة في الخمسينيات من عمرها، على رجل عبر الإنترنت، غزل لها بشبكة من الأكاذيب ووعدها بالزواج والحياة الهانئة. ادّعى الرجل أنه يعمل في منصة نفطية خارج البلاد، وأنه في حاجة ماسة للمال لتغطية بعض النفقات الطارئة.
وبدافع الحب والثقة العمياء، صدّقت لينا كل كلمة نطق بها، وبدأت تحوّل له الأموال على دفعات، مستخدمة في بعض الأحيان عملة “بيتكوين” الرقمية بناءً على طلبه.
الأكثر من ذلك، أن هذا الرجل ادّعى أنّه يُواجه بعض الصعوبات في تلقّي حوالات بنكية من أقاربه في السويد، وطلب من لينا أن تستقبل مبلغ 250 ألف كرونة سويدية في حسابها نيابة عنه.
نصب إحترافي
لكن الحقيقة كانت مُرّة، فالرجل الذي سحرتها كلماته ما هو إلا نصّاب محترف، وقد استغل لينا كأداة في مخططه الإجرامي لسرقة أموال امرأة أخرى تُدعى كارين، وهي سيدة في الستينيات من عمرها وقعت هي الأخرى ضحية لعملية النصب هذه، حيث خسرت ما يقارب 760 ألف كرونة سويدية.
كانت كارين تعتقد أنّها تُرسل المال إلى حبيبها المزعوم لمساعدته في محِنته، ولكنها في الحقيقة كانت تُغذي شبكة النصب التي حاكها الرجل بذكاء.
انكشفت خيوط القضية عندما أبلغت كارين الشرطة عن تعرضها للنصب، لتبدأ رحلة تحقيق مُضنية قادت إلى لينا، التي وجدت نفسها فجأة مُتهمة بـ”غسيل الأموال”.
أصرّت النيابة العامة على ملاحقة لينا قضائيًا، بحجة أنّها تسلّمت أموالًا من مصدر غير شرعيّ، حتى وإن كانت هي نفسها قد وقعت ضحية لعملية نصب.
ورغم شعورها بالظلم والقهر، لم تفقد لينا الأمل، ودافعت عن نفسها بقوة أمام المحكمة، مؤكدة أنها ضحية أيضاً وليست جانِية.
وقدّمت لينا أدلة قوية تُثبت حسن نيتها، بما في ذلك سجلات محادثاتها مع الرجل التي تُظهر مدى التلاعب العاطفي الذي تعرضت له، ومُعاملاتها المالية التي تدلّ على أنّها لم تستفد ماليًا من الأموال التي مرّت عبر حسابها.
وبعد مُداولات استمرت لأسابيع، أصدرت محكمة غوتنبرغ قرارها بتبرئة لينا من جميع التهم المُوجهة إليها، وذلك لعدم كفاية الأدلة. وقد أشادت المحكمة بمصداقية لينا وشجاعتها، ووصّفتها بـ”الضحية التي كادت أن تُدان بجريمة لم ترتكبها”.
ورغم حصولها على البراءة، إلا أن لينا خرجت من هذه المحنة مُحمّلة بجراح نفسية ومالية عميقة، فقد خسرت أموالها وسمعتها، وكادت أن تدفع ثمن جريمة لم ترتكبها.
وتُسلّط هذه القضية الضوء على مخاطر العلاقات الافتراضية، وتُذكّرنا بضرورة توخي الحذر عند التّعامل مع أشخاص مجهولين عبر الإنترنت، وعدم الانسياق وراء الوعود البراقة أو القصص المُختلقة.
يُذكر أن التحقيقات لا زالت جارية لكشف هوية الرجل ومُحاسبته على جريمته، فيما تُركت لينا وكارين تُصارعان لوحدهما مخلفات هذه التجربة الأليمة.
المصدر: Göteborgs-Posten