مقال رأي/ يجلس العربي أمام المضمد، ولا أريد ان اقول الطبيب، ولا ينبس ببنت شفة.
لكن ما أن يكون الموضوع في العلوم الاجتماعية والفن والمسرح والسينما والتلفزيون ، حتى تراه ينظر فيما لا يفقه فيه شيئا، وكأن هذه العلوم الانسانية ليست مجالا للمتخصصين والمتفقهين فيها.
فترى الناس يتحدثون مثلا في نظرية دارون وهم لا يعرفون حتى تركيب الخلية . قد تكون هنالك علوم هي اقرب الى العلوم البحتة مثل النحو والعروض لا بتفقه هؤلاء فيها ولا يثرثرون ، لكنهم حين يأتي الموضوع الى اصل اللغات مثلا تراهم يرددون اقوال ابن عباس والبخاري ونعمة الله الجزائري لأنهم لا يعلمون ، كونهم لم يقرأوا كتابا واحدا في الموضوع.
إن هذه العلوم خاض فيها مئات إن لم أقل آلاف الباحثين في الاركيولوجيا واللسانيات والتأريخ وعلم المخطوطات . مرة قرأت لأحدهم منشورا بهاجم فيه كاظم الساهر ورأيت ما لا تصدقه أعينكم من متخصصين في الموسيقى وتركيب الحنجرة وهم لا بفقهون بالتأكيد شيئا في هذه العلوم الدقيقة والمعقدة .
حين تسمع اغنية أو تقرأ قصيدة أو رواية او تشاهد فلما او مسلسلا أو لوحة أو منحوتة قل انه لا يعجبني وهذا من حقك ، فالذائقة موضوع معقد خاض فيه المختصون في علم النفس وعلم الجمال وعلم الاجتماع والفلسفة ، لكن لا تتحدث في تقنيات لا تفقه فيها شيئا مثل الاخراج وحركة الكاميرا وإداء الممثلين والسينوغرافيا، فهذه لا علاقة لها بالذائقة بل علوم دقيقة يدلي بدلوه فيها المختصون ليس إلا.
فأنا مثلا متخصص في اللسانيات لكني لا افتي في تقنيات الاخراج والتصوير وغيرها من أمور المسرح والسينما والتلفزيون .. ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه .
د. سعيد الجعفر
استاذ جامعي / ماجستير ودكتوراه في اللسانيات
مقالات الرأي تعبر عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن SWED 24