تحدثت تقارير دولية نشرتها الصحافة العالمية، منها “الجزيرة” عن جيل جديد فتاك من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات تصنعه شركة “ساب” SAAB السويدية، التي أطلقت عليه اسم “أنلو” [NLAW]. هذا السلاح وفق الخبراء العسكريين يلعب اليوم دوراً فعالاً في الحرب الدائرة حاليا في أوكرانيا.
بدأ تصنيع هذا السلاح في المملكة المتحدة عام 2002 بالتعاون ما بين الشركة السويدية والجيش البريطاني الذي اختار شركة “ساب” لتصنيعه، نظرا لخبرتها السابقة في مجال صنع الأسلحة المحمولة المضادة للدبابات.
وكانت شركة “بوفورز” (Bofors) -وهي شركة استحوذت عليها ساب- قد طورت عام 1999 سلاحا جديدا محمولا مضادا للدبابات، للمشاة السويدية الميكانيكية التي كانت تفتقر حينها إلى كل من الدبابات والأسلحة المضادة للدبابات.
وسرعان ما استحوذ النظام المشار إليه باسم “إم بي تي لو” (MBT LAW) على اهتمام وزارة الدفاع البريطانية التي وقعت عقدا مع الشركة السويدية لتصنيع السلاح الجديد الأكثر تطورا من النظام السابق، والذي جاء تحت اسم “أنلو” (NLAW) عام 2002، بحسب ما ذكرت منصة “ميليتاري تودي” (military-today) مؤخرا.
منذ ذلك الوقت، اشترت هذا النظام الجديد دول عديدة في العالم وأدخلته إلى منظومتها الدفاعية، ومن بينها -إضافة إلى السويد والمملكة المتحدة- كل من فنلندا وإندونيسيا وماليزيا وسويسرا ولوكسمبورغ، كما تم تزويد الجيش الأوكراني به مؤخرا إثر حملة الدعم العسكري الواسعة النطاق التي يتلقاها من الدول الغربية لمواجهة الجيش الروسي.
سلاح خفيف للغاية فهو يزن 12.5 كلغم فقط، ويحمل على الكتف ويمكن استخدامه بواسطة مشغل واحد، ورأسه الحربي الخارق للدروع قادر على تدمير دبابة قتال حديثة محمية ومدرعة بشدة بطلقة واحدة فقط، والنظام فعال في نطاق يتراوح بين 20 إلى 800 متر.
وفي هذا السياق، يقول لارس أورجان هوفبرانت مدير المبيعات في شركة ساب السويدة المصنعة للسلاح: “إن هذا المزيج من المرونة وسهولة الحركة والقدرة التدميرية العالية قد غيّر قواعد اللعبة للأبد”، فأنت لا تحتاج إلى فصيلة كاملة لمهاجمة دبابة واحدة أو مجموعة من الدبابات كما كان يحدث سابقا، “يمكنك تدريب جندي واحد فقط على استخدام النظام في غضون ساعة، وبعد ذلك ما على هذا الجندي سوى أن يكمن خلف أي صخرة أو شجرة أو منزل بانتظار وصول الدبابة، ليدمرها في الحال ثم ينتقل ليصطاد الدبابة التي تليها”.
ويوضح هوفبرانت: “في السابق كان من الممكن تعقب وتدمير فصائل تدمير الدبابات، أما الآن ومع هذا السلاح الجديد فمن الصعب جدا -إذا لم يكن من المستحيل- تعقب الجندي الذي يحمل السلاح على كتفه ويتنقل بسهولة وسرعة من مكان إلى آخر، هذا تهديد يصعب جدا تحديد موقعه، وأكثر فتكا، وقادر على إيقاف دبابات العدو بسهولة”.
ساب.. من صناعة الطائرات إلى السيارات إلى الإفلاس
بقي أن نذكر نبذة عن تاريخ شركة ساب التي صنعت هذا السلاح الفتاك، حيث تُعرف الشركة على نطاق واسع في العالم على أنها شركة لصناعة السيارات، ولكن الحقيقة أنها كانت قد أنشئت عام 1937 لغرض محدد هو بناء وصناعة طائرات حربية للقوات الجوية السويدية، ومع اقتراب الحرب العالمية الثانية من نهايتها، بدأت الشركة في البحث عن أسواق وأفكار جديدة للتوسع فيها، حيث بدأت عام 1945 إنتاج أول سيارة من صنعها، وهي من نوع ساب 92 التي ظهرت إلى النور عام 1949، وسرعان ما اشتهرت السيارات التي تصنعها هذه الشركة في مختلف أرجاء العالم، كما ذكرت منصة “توب سبيد” (TopSpeed) مؤخرا.
وفي ديسمبر/كانون الأول 1989، أعلنت شركة جنرال موتورز أنها قد اشترت 50% من أسهم ساب بمبلغ 600 مليون دولار مع خيار الحصول على بقية الأسهم، ولكن هذا الاستحواذ كان بمثابة لعنة على الشركة السويدية التي اعتبرت نفسها صانع سيارات نخبويا، يمكنه منافسة أسماء مثل أودي، لكن جنرال موتورز أرادت أن تعتبرها مجرد فرع آخر لبيع السيارات لها في أوروبا.
ومع المشاكل المالية الكبيرة التي كانت تعاني منها جنرال موتورز، فقد أعلنت الشركة عام 2010 عن صفقة بيع العلامة التجارية ساب إلى الشركة الهولندية سبايكر التي لم توفق هي أيضا في إعادة ساب إلى المسار الصحيح، حيث أعلنت ساب عن إفلاسها عام 2011.
وقال مجلس إدارة الشركة الهولندية إن مجموعة يانجمان الصينية أعلنت أنها ستسحب خططها للاستثمار في ساب، وأن إشهار الإفلاس يحقق أفضل مصالح لدائنيها.
وكان العنصر الحاسم في قرار يانجمان هو ما أعلنته شركة جنرال موتورز الأميركية للسيارات، المالك السابق لساب، أنها لن تسمح بأن يتم بيع تكنولوجياتها المستخدمة في ساب لمستثمرين صينيين.
وتوقفت الشركة عن إنتاج السيارات تماما منذ عام 2012، بعد أن توقفت شركات قطع غيار السيارات عن تزويدها بسبب عدم دفع المقابل المادي اللازم.
محمد سناجلة – الجزيرة