لاقت جريمة إطلاق النار في ضاحية أوربي بمدينة اسكلستونا، مساء الجمعة الماضية، اهتماماً اعلامياً وسياسياً واضحين في السويد. واكتظت الضاحية نهار يوم السبت بأكمله بعناصر الشرطة ورجال الأمن ورئيسة الحكومة ماغدلينا أندرشون وقادة بعض الأحزاب السياسية، وهي زيارات لم يألفها سكان الضاحية.
“SWED 24” زارت المنطقة وشاهدت القلق والخوف الذي يسود سكان الضاحية، وردد الكثير منهم السؤال نفسه “ماذا لو كنت أنا من تلقى الرصاصة”؟
وأسفر الحادث الذي جرى فيه إطلاق أكثر من عشرة رصاصات عن إصابة امرأة سورية وطفل، 4 سنوات كانا بالصدفة في المكان.
ووفقاً للشرطة، فأن الاثنين لم يكونا الهدف، بل صدف وان وقعوا في مرمى الشخص الذي كان يحمل السلاح، واصيبا عن طريق الخطأ.
نهار اليوم السبت، لم تكن الضاحية مكتظة بسكانها كحالها رغم انه يوم عطلة، فالخوف كان لا يزال مسيطراً على سكان المنطقة وخاصة الأطفال من التواجد في أماكن اللعب، رغم وجود الشرطة وأشخاص من البلدية حضروا لتقديم الدعم وبث الامن بين السكان.
أوربي: مهاجرون من كل مكان
تتميز ضاحية أوروبي ربما كباقي الضواحي السويدية التي تسكنها غالبية من أصول أجنبية، بأبنيتها المتقاربة مع بعضها البعض وتقسم المنطقة الوسطية فيها الى شطرين تتوسطها حدائق خضراء ومقاعد للجلوس ومساحات واسعة مخصصة للعب الأطفال، أضيف اليها قبل نحو عامين فقط مساحات أخرى للعب كرة القدم ولممارسة الألعاب الرياضية المختلفة، وجاء ذلك ضمن حملة نفذتها بلدية اسكلستونا للاهتمام بالضواحي.
وعلى بعد أمتار قليلة من ساحات اللعب تلك، هناك مكتبة صغيرة وخلفها مجمع تسوقي يلبي حاجيات العائلات القاطنة في المنطقة، بالإضافة الى روضة للأطفال.
وتزدحم تلك المناطق بالسكان من الصباح حتى ساعات متأخرة من الليل في وقت الصيف، حيث النساء والرجال يجلسن فرادى أو مجتمعات وهم يراقبون أطفالهم أثناء اللعب أو للحديث مع بعضهم البعض، هناك تجمعات أخرى للشباب والمراهقين، البعض منها يُستغل لنوايا غير سليمة.
ووسط هذه الزحمة السكانية التي تشهدها المنطقة، فإن حادث إطلاق النار وبهذا العديد الكبير من الإطلاقات النارية الذي وقع، يوم أمس الجمعة كان يمكن بسهولة ان يؤدي الى قتل الكثير من الأشخاص، والصدفة فقط هي من حمت الناس من وقوع مثل هذه الكارثة.
يقول الطفل مروان سليم، 12 عاماً لـ Swed24: “كنت خائفاً جداً، الأمر كان مروعاً، سمعت أحدهم يصرخ اهربوا الى البيت، وتفرقت النساء والأطفال في كل صوب وحدب”.
حادث فريد من نوعه
وتحصل الكثير من حوادث إطلاق النار في ضاحية أوروبي، وكان هذا العام 2022 الأكثر سوءاً في ذلك، وتأخذ معظم حوادث إطلاق النار في الغالب نهجاً واحداً وهو تصفية الحسابات بين افراد العصابات، حيث يعرف القاتل الضحية التي سيطلق عليها النار، ويحصل ذلك في العادة عندما لا يكون أمام مرمى سلاح القاتل أكثر من شخص واحد وهو الضحية.
الا ان حادث يوم الجمعة تميز بفرادة خاصة من نوعها، وهي انه جرى بين حشد من الناس وكان من الممكن ان يصاب المزيد والمزيد من الأشخاص عدا المرأة والطفل، حصول ذلك كان محض صدفة لا أكثر. الأمر الذي اثار فزع وقلق أهالي المنطقة، فأي شخص كان وسط مسرح الجريمة يوم الجمعة كان معرضاً لأن يكون هو الضحية.
يقول عامر توما، 49 عاماً لـ Swed24: “اسكن أوروبي منذ 17 عاماً، وقعت خلال ذلك حوادث إطلاق نار عدة، لكن ان تكون الضحية امرأة وطفل، أمر لم أشهده أبداً”.
أسباب
ومثلها مثل بقية المناطق المستضعفة في السويد، تعاني ضاحية أوروبي من ارتفاع نسبة البطالة بين سكانها، حيث تعد اسكلستونا التي يعيش فيها نحو 107593 شخصاً خامس أكبر مدينة سويدية تعاني من البطالة وبنسبة 13.1 بالمائة، وفقاً الإحصائيات الرسمية.
عدد لا بأس به من شباب المنطقة لا يكلمون دراستهم الأساسية (الصف التاسع) ويفتقرون الى العمل، ليس لكونهم غير راغبين فيه بل لصعوبة دخولهم الى سوق العمل، ورغم النقاشات الطويلة والساخنة التي تدور على طاولات السياسيين السويديين حول سياسة الاندماج والقضاء على البطالة وتوفير فرص عمل للشباب، الا ان أي نتائج ملموسة على ارض الواقع لم تتحقق بعد، بل تكاد النقاشات حول قضايا اللاجئين بشكل عام لا تتعدى ان تكون ورقة السياسيين للضغط على بعضهم البعض كأحزاب من جهة ولكسب المزيد من الأصوات في صناديق الاقتراع من جهة ثانية.
يقول محمد نجيب محي الدين، 38 عاماً لـ Swed24: “ماذا كان سيعمل السياسيون السويديون لو لم يكن الأجانب؟ على من كانوا سيلقون باللائمة؟
يضيف محي الدين الذي يعمل في معمل لإنتاج سيارات، بأنه لم يحصل على مهنة الا قبل ثلاثة أعوام رغم انني أعيش في السويد منذ 15 عاماً وأجيد اللغة السويدية بشكل جيد.
اهتمام شعبي وسياسي
لاقى الحادث اهتماماً إعلامياً وسياسياً واضحين، بل ان رئيس حزب المحافظين أولف كريسترسون الذي يسكن في منطقة قريبة من اسكلستونا ورئيسة الحزب الديمقراطي المسيحي إيبا بوش ثور وفي وقت لاحق رئيسة الحزب الديمقراطي الاشتراكي ماغدالينا أندرشون، زاروا اسكلستونا وصرحوا لوسائل الاعلام حول ما جرى.
ورغم ان الكثير من حوادث إطلاق النار شهدتها المنطقة ومناطق أخرى في اسكلستونا في السابق، لكنها حوادث لم تحظ بزيارة قادة الأحزاب والحديث الى سكانها، ربما بسبب ان وقوع تلك الحوادث لم يكن متزامناً مع الانتخابات ولم تكن الحملة الانتخابية في أوجها!!