مقال رأي: في تقارب غير عادي هذا الشهر، يحتفل أتباع الديانات العالمية الخمس – اليهود والمسيحيين والمسلمين و الموحدين الدروز والبهائيين – بأعيادهم المقدسة، مما يسلط الضوء على الفسيفساء الغنية للإنسانية المرتبطة بالأديان والمعتقدات المتنوعة.
ويعد هذا الاحتفال المتزامن بمثابة شهادة قوية على بحثنا الجماعي عن الانسجام والتفاهم. في عالم تشوبه الأزمات والصراعات، فإن اليأس الذي يشعر به الكثيرون هو نداء واضح للعمل من أجل النفوس ذات النية الطيبة، الذين يبحثون بجدية عن العلاجات ويكافحون من أجل الحلول.
إن جوهر التقدم الحقيقي يكمن في الاعتراف بأن السلام ليس مجرد غياب الصراع، ولكن وجود العدالة ووحدة الإنسانية. لقد أضاءت تعاليم النفوس المستنيرة عبر التاريخ هذا الطريق، ودعت إلى عالم يتم فيه سد الاختلافات، وحيث يتم الاحتفاء بالتنوع باعتباره قوة. ومن خلال تعليم ورفع مستوى كل مجتمع وأمة، يمكننا أن نأمل في محو الانقسامات التي تفتت عالمنا، مما يمهد الطريق لحضارة تتقدم معًا.
إن الواجب الأخلاقي والروحي لكل فرد، وخاصة في هذا الشهر الحافل بالأعياد الدينية، هو المساهمة في قضية السلام والوحدة النبيلة. ومن خلال تنقية قلوبنا من التحيز وتعزيز الظروف الاجتماعية المؤدية إلى السلام والوحدة، يتمتع كل واحد منا بالقدرة على إحداث تغيير.
توفر تفاعلاتنا اليومية فرصًا لا حصر لها لتعزيز ثقافة السلام وتشجيع التعاون والتفاهم والتضامن بين جميع الناس. ومن خلال هذه المساعي، نلهم ونعزز بعضنا البعض، ونشق طريقًا نحو مستقبل أكثر إشراقًا وشمولاً. لذا، دعونا نتبنى مسؤوليتنا المشتركة في رعاية المجتمعات التي تعكس مبادئ المساواة والعدالة والاحترام المتبادل. ومن خلال جعل التشاور حجر الزاوية في عملية صنع القرار، يمكننا حل النزاعات وبناء الإجماع، وإرساء الأساس لمجتمع يفضل الانسجام على الخلاف. ومن خلال تعزيز التضامن الاقتصادي ودعم بعضنا البعض، فإننا نعزز أواصر الإنسانية.
إن تعليم الشباب بروح الوحدة والتحرر من التحيز يضمن إدامة هذه المُثُل، وتمكين الجيل القادم من حمل شعلة التقدم. وفي هذه الرحلة المشتركة، دعونا نستمد الإلهام من جميع أولئك الذين كرسوا أنفسهم لهذه القضية. السلام والوحدة، والعمل بشكل تعاوني مع الأفراد ذوي التفكير المماثل لتحويل المجتمع.
وبينما ننخرط في الخطاب والعمل لتحقيق هذه الغاية، خلال شهر يتميز باحتفالات اليهود والمسيحيين والمسلمين و الموحدين الدروز والبهائيين، فإننا نساهم في رؤية للعالم تتجاوز التحديات والقيود الحالية، ونتصور مستقبلاً حيث يمكن للبشرية جمعاء أن تزدهر في سلام ووحدة.
د. زياد الخطيب
باحث في علم الأوبئة والصحة العالمية لدى معهد كارولينسكا في ستوكهولم، وشخصية ثقافية واجتماعية معروفة
مقالات الرأي تعبر عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن SWED 24