خاص Swed 24: بعد أقل من عشرين يوماً على مرور جريمة القتل الجماعية في مدينة أوريبرو وحجم الارتدادات الخطيرة التي تركتها اجتماعياً، بات العديد من قاطني السويد ممن يحملون أصولاً أجنبية يشعرون بالقلق وشيء من فقدان الأمان إن لم يكن فقدان الأمان نفسه.
الجريمة التي هزت السويد والتي لم يشهد لها البلد مثيلاً في طيلة عصره الحديث باعتراف رئيس الحكومة السويدية أولف كريسترشون، دفعت بالعديد ممن هم من أصول مهاجرة إلى رفع الصوت مطالبين بالتشديد على محاربة خطاب الكراهية والعنصرية في المجتمع، ومعبرين عما يختلجهم من مشاعر الحزن والقلق والخشية من التعرض لمخاطر مماثلة.
ميرفت، المقيمة بالسويد منذ سنوات طويلة، تقول: “للأسف الشديد لا أمان في السويد بسبب بعض الأحزاب التي زرعت الكره والعنصرية والحقد في قلب المجتمع السويدي، وحتى تزيد الطين بلة زادوا الأسعار بكل شيء، والمعاش الشهري ثابت على حاله، ووضع اقتصادي متدهور”.
ليندا بدورها ترى أيضاً أن الأمان أنواع، ومنه الأمان الاقتصادي الذي ترى أنها لا تتمتع به في بلد مثل السويد، والذي عُرف عنه نظام الرفاهية الاجتماعي منذ عقود طويلة. وتضيف: “لا أمان… بغض النظر عن مجزرة أوريبرو. لا أشعر بالأمان مادياً وبأي طريقة سأعيل عائلتي”.
جريمة أوريبرو، التي لا تزال رهن التحقيقات في البلد، أثرت سلبياً على عامل الأمان المجتمعي كما ترى نوار، المقيمة في ذات المدينة التي وقعت فيها الجريمة. تقول نوار: “بعد الجريمة التي حدثت مؤخراً لا أمان ولا استقرار يمكن أن أشعر به، بغض النظر عن المشاكل الموجودة أساساً في المجتمع”.
ويعزو سعيد إشكالية الشعور بعدم الأمان لما وصفها بـ”الأحزاب العنصرية التي تؤيد خطاب العنصرية والكراهية بين الفئات في المجتمع السويدي”. وتابع قائلاً: “خطاب العنصرية والكراهية لا يصلح في مملكة مثل السويد، لأن تاريخ السويد وشعبها يختلف عن هذا الخطاب العنصري المقيت الذي يولّد الكراهية بين أبناء الأمة السويدية”.
محمد سليمان يؤكّد بدوره بأنه لا يشعر بالأمان البتة، ليس بسبب جريمة أوريبرو الأخيرة فحسب، وإنما منذ فترة طويلة كما يقول: “لا أشعر أنني آمن كشخص ولا حتى أسرتي، والأسباب كثيرة جداً”. قسم من هذه الأسباب يعزوها محمد إلى العنصرية والتطرف وحرب العصابات، “حتى من الأجانب أنفسهم” على حد قوله.
ويضيف: “شخصياً تأذيت كثيراً بسبب هذه الممارسات العنصرية وأيضاً وبدون خجل من الممارسات الإجرامية، والنتيجة لا شيء. لا يوجد قانون صارم يحمي الشخص هنا”.
في ذات السياق، يرى عمرو، المقيم في السويد منذ سنوات، أن من هم أصول أجنبية في السويد يواجهون “موجة عنصرية متزايدة”، على حد وصفه، ويضيف: “هذا الأمر يجعلنا نشعر بالتهميش رغم دورنا الكبير في المجتمع. الحقيقة أن الاقتصاد السويدي والحياة اليومية يعتمدان بشكل كبير علينا، فنحن نعمل في مختلف القطاعات مثل الصحة، التعليم، المواصلات، الصناعة، والمطاعم”.
ما شهدته السويد مؤخراً كان تحولاً خطيراً باعتراف رئيس حكومة البلاد، الوضع الذي يتطلب تدخلاً حكومياً واضحاً كما يرى كثيرون من أبناء المجتمع، باتجاه تخفيف خطابات الكراهية ومعالجة العديد من الملفات الأمنية، الاجتماعية، والاقتصادية الأخرى التي تشكل هاجساً للمجتمع قبيل الانتخابات التشريعية المقبلة.
أسامة الماضي