كشفت تسجيلات سرية أجراها برنامج “Uppdrag granskning” الاستقصائي الشهير، في التلفزيون السويدي، عن كيفية توجيه ممثلين عن مساجد في السويد نصائح للمسلمين بعدم الإفصاح عن الحقيقة أثناء التواصل مع الخدمات الاجتماعية، ( السوسيال)، رغم إعلان الأئمة السويديين رسميّاً عن تبرؤهم من الحملة الواسعة، والشائعات التي جرى نشرها والتي تزعم أن دائرة الخدمات الاجتماعية في السويد، تقوم بـ “خطف الأطفال المسلمين”.
“قد يأخذون طفلك”
“قد يأخذون طفلك”، هذا ما نصح به أحد المستشارين في مسجد Fisksätra في Nacka بستوكهولم.
وتعتبر الحملة ضد الخدمات الاجتماعية ( السوسيال)، الأكبر من نوعها التي شهدتها السويد، وقد استهدفت بشكل خاص المسلمين السويديين.
وعندما كانت الحملة في أوجها قبل عامين، أعلن مجلس الأئمة السويدي في بيان صحفي عن تبرؤه منها، مؤكداً على دور الأئمة في “تقديم المعرفة لتقليل الاحتكاك وتوضيح دور الخدمات الاجتماعية” في مجتمعاتهم.
بيد أن برنامج “Uppdrag granskning”، من خلال تسجيلات سرية، كشف عن النصائح التي تُقدم خلف الأبواب المغلقة. حيث توجهت امرأة تتحدث العربية بقصة مفتعلة إلى عدة مساجد تقدم الاستشارة، زاعمةً أنها دعيت لاجتماع مع الخدمات الاجتماعية ( السوسيال)، بعد أن ضربت ابنها.
وأكد البرنامج أن الشيخ سعيد عزام Saeed Azam، إمام ورئيس المجلس السويدي للفتوى، كان من بين الذين ردوا على اتصال المرأة قائلاً لها، بحسب البرنامج: “لا تقولي هكذا، قولي فقط إنك كنت تداعبينه ثم جاءت يدك هكذا، لكن لا تقولي إنك ضربتيه”.
تقديم نصائح متناقضة
ووفق البرنامج فإن سعيد عزام، الذي تحدث سابقًا لصحيفة Expressen عن أهمية الصدق مع الخدمات الاجتماعية، قال: “يقع الآباء الذين ضربوا أطفالهم أحيانًا في خطأ إنكار أفعالهم أمام الخدمات الاجتماعية خوفًا من أن يتم أخذ أطفالهم. لذا، كنت أقول لهم دائمًا أن يقولوا الحقيقة”.
وأوضح عزام أنه فهم من المرأة أنها لم تكن تنوي ضرب طفلها، ولو كان الأمر كذلك لكان رده مختلفًا، مؤكدًا على جهوده لتقديم صورة إيجابية عن السويد والخدمات الاجتماعية.
في البحث الذي شمل 11 مسجدًا، تم تقديم النصيحة للمرأة بعدم الكشف عن حقيقة ضربها لابنها للخدمات الاجتماعية. ومن بينها، مسجد Uppsala ومسجد Fisksätra اللذين نصحا بإقناع الطفل بأن ما حدث ليس اعتداءً.
بعد الكشف عن التسجيلات، تواصل “Uppdrag granskning” مع المساجد المعنية لعرض ما قاله مستشاروهم. اختار مسجد Uppsala عدم التعليق، في حين رد مسجد Fisksätra كتابيا: “لا أحد من أعضاء مجلسنا يعرف شيئاً عن هذه المحادثة المزعومة، ونجد من غير المرجح أن أحد أعضاء مجلسنا قد يقدم النصيحة لأحد بعدم التواصل مع الخدمات الاجتماعية “السوسيال”.
وزيرة الشؤون الاجتماعية تشعر بالاستياء الشديد
وزيرة الخدمات الاجتماعية، Camilla Waltersson Grönvall ، عبرت عن استيائها الشديد من النصائح التي قدمها بعض الشيوخ ورجال الدين وقالت للبرنامج: ” هذا مؤسف للغاية وغير مقبول بتاتاً. إذا كانت المرأة قد ضربت طفلاً، فيجب أن تتلقى نصيحة أخرى غير إخفاء الأمر وعدم الكذب حول هذا الشأن”.
لكن من بين المساجد التي حقق معها البرنامج، حثت خمسة منها المرأة على الصدق خلال الاجتماع مع الخدمات الاجتماعية، ومن بينهم الإمام عطا السعيد Ata Elsayed من مالمو الذي قال للمرأة التي أتصلت فيه: “لا داعي للقلق. بلدنا يحتاج إلى خدمة اجتماعية تقف إلى جانب النساء وتحميهن وأطفالهن”، كما قال في المحادثة.
كيفية إجراء البحث
قام برنامج “Uppdrag granskning” بتعيين امرأة تتحدث العربية للاتصال بـ 28 مسجدًا تحت هوية مزيفة وقصة مختلقة بأنها ضربت ابنها البالغ من العمر سبع سنوات وأن الخدمات الاجتماعية قد دعتها لاجتماع. ماذا ينبغي أن تقول في هذا الاجتماع؟
رد 19 مسجدًا على السيدة.
11 منها نصحت بعدم الاعتراف بضرب طفلها.
5 نصحت بقول الحقيقة للخدمات الاجتماعية.
3 امتنعت عن تقديم أي نصيحة.
تم تسجيل المكالمات.
في بعض الحالات، حيث كان للشخص المتحدث تأثير كبير، تم الكشف عن الأسماء.
ما هي حملة LVU
انطلقت حملة LVU عام 2021 في السويد وحظيت بانتشار واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي داخل وخارج السويد. ووجهت انتقادات لكيفية تعامل الخدمات الاجتماعية السويدية ( السوسيال) مع قضايا الأطفال وفقًا لقانون رعاية الشباب (LVU). تم نشر شائعات ومعلومات مضللة وكاذبة، بما في ذلك ادعاءات بأن السلطات السويدية تخطف الأطفال المسلمين. تعد هذه الحملة أكبر حملة تأثير ضد السويد في العصر الحديث وساهمت في رفع مستوى التهديد الإرهابي في البلاد.