تأتي السويد في طليعة دول العالم الغربي التي قرَّرت خفض أسعار الفائدة. ويُعزى ذلك إلى الضغوط الاقتصادية الناجمة عن شدة تأثُّر الأسر السويدية المُثقلة بالديون بالتغيرات في أسعار الفائدة.
يُوضِّح توربيون إيزاكسون، كبير الاقتصاديين في “بنك نورديا” هذا الأمر، قائلًا: “تنعكس تأثيرات ارتفاع نسبة الديون وقصر فترات الإلزام على ارتفاع أسعار الفائدة بشكل أسرع هنا”.
الجدير بالذكر أن سويسرا كانت أولى الدول التي بادرت بخفض أسعار الفائدة، إذا استثنينا دولًا أصغر مثل التشيك والمجر. وبخفضه سعر الفائدة هذا الأسبوع من النسبة السابقة 4.00% إلى 3.75%، فإن البنك المركزي السويدي ينضم إلى القائمة المحدودة من البنوك المركزية التي اتخذت هذا القرار حتى الآن.
وقد أشار خبراء الاقتصاد الذين تحدَّثت إليهم وكالة الأنباء السويدية TT إلى أن استجابة السويد لاقتراحات خفض أسعار الفائدة بمثابة أمرٍ طبيعي، ومرده إلى عدة أسباب:
على مدار السنوات القليلة الماضية، أثقلت الارتفاعات الحادة في أسعار الفائدة كاهل الأسر السويدية مقارنةً بسكان العديد من الدول الأخرى. فعلى حد قول توربيون إيزاكسون: “يُعد الاقتصاد السويدي هو الأكثر تأثُّر برفع أسعار الفائدة”.
شهد الناتج المحلي الإجمالي انخفاضًا على مدار عامٍ ماليٍ كامل، مما وضع السويد في مؤخرة قائمة النمو خلال العام الماضي. كما ارتفعت معدلات البطالة بشكلٍ أكبر من نظيراتها في الدول الأخرى، فضلًا عن حالات الإفلاس.
ويُعتبر هذا هو السبب الرئيس وراء تصدُّر السويد للمشهد في خفض أسعار الفائدة مقارنةً بالبنوك المركزية الأخرى، على الرغم من أن البنك المركزي الأوروبي ربما يُقدِم على خطوة مُماثلة في غضون الأسابيع القليلة القادمة، وفقًا لتوقُّعات توربيون إيزاكسون.
ولهذا يمكن استنتاج أنه في حين لا تزال معدلات التضخم في السويد أعلى من معدلاتها في دولٍ مثل الدنمارك وفنلندا، إلا أن هذا لم يكن السبب الرئيس وراء مبادرة البنك المركزي السويدي بخفض أسعار الفائدة قبل غيره.
هل الاقتصاد السويدي أكثر تأثرًا من غيره تجاه أسعار الفائدة؟
يجيب إيزاكسون عن هذا السؤال قائلًا: “إن الاقتصاد السويدي قويًا في جوهره من حيث الموارد المالية الحكومية، حيث يتمتَّع بقطاع أعمالي تنافسي، كما أن عملية توزيع الأجور تتمَّ بطريقة “مسؤولة للغاية”، ومع ذلك، لا يسعنا إلا القول بأننا أكثر تأثرًا بالفعل من غيرنا تجاه أسعار الفائدة؛ فلدينا نسبة ديون عالية، وفترات الإلزام تعتبر قصيرة جدًا بالنسبة للأسر. الأمر الذي يجعل تأثيرات أسعار الفائدة تنعكس بشكلٍ أسرع هنا. ولذلك فالحاجة إلى تخفيف الضغط عن الاقتصاد باتت أكثر إلحاحًا”.
في سياقٍ متصل، أشاد روبرت بيرجكفيست، كبير الاقتصاديين في بنك SEB، بقرار البنك المركزي السويدي، مُعتبِرًا إياه بمثابة خطوةٍ على الطريق الصحيح في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، حيث صرَّح قائلًا: “إن خفض سعر الفائدة مع التزام الحذر أفضل ما يمكن فعله حاليًا. ومع أن البنك المركزي اتخذ هذه الخطوة الأولى، ويبدو مستعدًا لاتخاذ المزيد من الخطوات، لكنه يريد كبح جماح التوقعات العالية”.
وفي معرض حديثه عن الاقتصاد السويدي، وصفه بيرجكفيست بأنه يواجه في الوقت الحالي بحرًا تتلاطم أمواجه العالية، مما يجعله عرضة لعواصف عاتية.
وقد اختتم حديثه قائلًا: “في الوقت نفسه، ما يزال لدى الحكومة السويدية موارد مالية قوية يمكن أن تعمل كـ “وسادة هوائية” تُخفِّف من حدة الصدمات الاقتصادية، لكنني أعتقد أن البنك المركزي آثر إعطاء الأولوية لمصلحة الاقتصاد السويدي؛ لأنه لو استند إلى نتائج معدلات التضخم رافضًا خفض الفائدة لكان ذلك نوعًا من التقصير في أداء واجباته”.