وافقت السويد على قانون “التحكم بالدردشة” المثير للجدل، والذي يُنظر إليه على نطاق واسع كقانون لمراقبة جماعية. وقد صدر القرار اليوم خلال اجتماع اللجنة القضائية في البرلمان.
وصرح “كارل إميل نيكا”، خبير أمن تكنولوجيا المعلومات: “إنه ليومٌ حزينٌ للسويد والعالم”.
وقد شهد قانون “التحكم بالدردشة”، أو ما يُعرف رسميًا باسم “لائحة مكافحة الاعتداء الجنسي على الأطفال”، مناقشات وجولات طويلة. ويهدف القانون، كما يوحي اسمه، إلى حماية الأطفال من الاستدراج عبر الإنترنت.
تفاصيل القانون:
من الناحية العملية، يُلزم القانون جميع شركات تطبيقات الدردشة، مثل “واتساب” و”فيسبوك ماسنجر”، بإنشاء ما يُعرف باسم “الباب الخلفي”، وهو برنامج يتيح قراءة محتوى الدردشات. وقد انتقد خبراء أمن تكنولوجيا المعلومات في جميع أنحاء أوروبا هذا البرنامج، معتبرين أنه يمهد الطريق للمراقبة الجماعية.
مقترحات التسوية باءت بالفشل:
عمل سياسيون، وآخرهم من المجر، على تعديل المقترح على عدة مراحل، وحاولوا الحد من مخاطر المراقبة الجماعية التي قد يُفضي إليها القانون، على سبيل المثال، من خلال تحديد أهداف استخدام “الباب الخلفي” في نص القانون. إلا أن الخبراء يرون أن هذا غير كافٍ.
وفي هذا الصدد، تساءل “كارل إميل نيكا”، في تصريح له في الخريف الماضي: “يبدو أن المفوضية الأوروبية لديها اعتقاد خاطئ بأن الاتحاد الأوروبي هو من يتحكم في العالم أجمع. فرغم إجبارنا لتطبيقات الدردشة على إنشاء “أبواب خلفية” وتشريعنا لاستخدامها فقط للبحث عن مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، فإن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن الشركات أو الدول أو الجهات الفاعلة الأخرى ستمتنع عن استخدام هذه الميزة لأغراض أخرى. فلماذا سيفعلون ذلك؟”
الموافقة على القانون:
وافقت السويد على مقترح التسوية المجري، حيث صوتت الحكومة والحزب الاشتراكي الديمقراطي بالموافقة. في حين اعترض كل من حزب “ديمقراطيو السويد” وحزب “اليسار” وحزب “الوسط” وحزب “البيئة” على القانون وصوتوا بالرفض.
انتقادات حادة:
انتقد “آدم مارتينين”، عضو البرلمان عن حزب “ديمقراطيو السويد”، بشدة قانون “التحكم بالدردشة”. وقال غاضبًا، أثناء مغادرته اجتماع اللجنة القضائية: “لقد صوتوا لصالح المجر”، موجهاً حديثه إلى “ماتياس فيبسا”، عضو البرلمان عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وأضاف: “اختارت الحكومة والحزب الاشتراكي الديمقراطي دعم مقترح التسوية المجري. ونحن نرى أن هذا المقترح مبالغ فيه للغاية”.
وأشار “مارتينين” إلى أن الموافقة على المقترح كقانون في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي ستمهد الطريق أمام المراقبة الجماعية. وقال: “هذا ما سيحدث. سيفقد الناس ثقتهم في الخدمات المشفرة”.
وشدد على وجود خطر من استخدام الاتحاد الأوروبي لهذا البرنامج للبحث عن جرائم أخرى غير الاستدراج الجنسي للأطفال عبر الإنترنت. وقال: “من المؤكد أنهم سيستخدمونه في قضايا الإرهاب وجرائم أخرى. إنها خطة نهائية يرون فيها فعالية في الأداة، وسيريدون استخدامها لأنواع أخرى من الجرائم. وأرى أن هذا خطر داهم”.
مبررات الموافقة:
من جانبه، دافع “ماتياس فيبسا” عن القانون، قائلا إنه ضروري لمكافحة جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت.
وقال: “هناك الملايين من الأطفال الذين يتعرضون للاعتداء. وهذا المقترح يمكننا من تحقيق التوازن بين جانب الخصوصية وإمكانية مكافحة الجريمة”.
وعند سؤاله عن رأيه في تصريحات الخبراء التي تُجمع على أن التعديلات غير فعالة، أجاب: “أعتقد أنه من المهم أن نتحمل مسؤولية واسعة هنا وأن نضع الأطفال في المقام الأول”.
وبشأن مخاطر استخدام قوى أجنبية لهذا البرنامج لمراقبة أوروبا، قال: “لست مطلعًا على هذا الأمر، لكنني أعتقد أن القوى الأجنبية تمتلك بالفعل تقنيات متطورة للقيام بعمليات المراقبة. ومن مهام جهاز الأمن لدينا محاربة عمليات التأثير”.
مخاوف من استهداف مجتمع المثليين:
من جهته، أعرب “ميكائيل دامسجارد”، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب “المحافظين” في اللجنة القضائية، عن موافقته على تصريحات “فيبسا” بشأن أهمية قانون “التحكم بالدردشة” في مكافحة الجرائم التي تستهدف الأطفال.
وقال: “نعتقد أن هذا المقترح متوازن بشكل جيد، ويتماشى مع التوجهات السويدية السابقة. لقد تم اتخاذ خطوات كبيرة لتحقيق توازن أفضل بين الغرض من مكافحة الجريمة والحفاظ على الخصوصية الشخصية”.
وعند سؤاله عن رأيه في الانتقادات الموجهة للقانون، لا سيما من حيث عدم جدوى إنشاء “أبواب خلفية” وفقا لآراء الخبراء، أجاب: “إن ما يتجاهله منتقدو القانون هو أن هذا المقترح يفرض شروطًا صارمة للغاية لاتخاذ قرار إصدار أمر تتبع. إذ يشترط أن تكون الخدمة من ضمن الفئة الأكثر عرضة لخطر نشر مواد الاعتداء الجنسي، وأن تثبت السلطات وجود خطر فعلي من نشر مواد اعتداء جنسي على الأطفال من خلال خدمة الدردشة هذه. وهذا يعني أن شركات تطبيقات الدردشة لديها فرصة كبيرة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب إنشاء “أبواب خلفية””.
وتجدر الإشارة إلى أن المجر، التي قدم سياسيوها مقترح التسوية، لديها قانون يحظر نشر صور ومواد تُعتبر ترويجًا للمثلية الجنسية بين القاصرين، وهو ما أشار الخبراء إلى أنه يُثير مخاوف من إمكانية استغلال قانون “التحكم بالدردشة” لاستهداف مجتمع المثليين.
وفي هذا السياق، قال “دامسجارد”: “نحن في الاتحاد الأوروبي نلتزم جميعًا بقوانين الاتحاد الأوروبي التي توفر حماية شاملة للخصوصية الشخصية”.
“يوم حزين”:
من جهته، أعرب “كارل إميل نيكا”، خبير أمن تكنولوجيا المعلومات، عن حزنه لصالح القانون، ووصفه بـ “يوم حزين” للجميع.
وعند سؤاله عن رأيه في تصريحات السياسيين التي تؤكد أن مقترح التسوية متوازن، أجاب: “هذا يوضح أنهم لم يفهموا على الإطلاق طبيعة القرار الذي اتخذوه. فرغم وجود نصوص تنص على ضرورة السماح بالتشفير التام، إلا أن هذا غير مجدٍ في ظل وجود “أبواب خلفية””.
المصدر: GP