SWED 24: نشرت صحيفة “أفتونبلادت” السويدية في عددها الصادر اليوم الأربعاء مقالاً جريئاً بقلم الكاتبة كايسا إيكمان، تناولت فيه ازدواجية الغرب في محاربة الإرهاب، وما وصفته بـ” التناقض الصارخ في المواقف”، مستندة الى التطورات الأخيرة في سوريا، مع سيطرة هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) على زمام الأمور.
ترى إيكمان، إلى جانب العديد من المراقبين، أن الدعم الغربي غير المعلن لهذه الجماعة يكشف عن تحوّل كبير في السياسة الأمريكية. فالهدف لم يعد محاربة الإرهاب، بل خلق حالة من عدم الاستقرار تمنع قيام نظام قوي ومستقل في المنطقة. تؤكد الكاتبة أن الولايات المتحدة تفضل كيانات متناحرة ومجزأة على أنظمة مركزية قد تُعارض سياساتها.
ازدواجية الغرب: كيف تحوّل الإرهاب من عدو إلى شريك؟
تقول إيكمان: “على مدى أكثر من عقدين، كانت “الحرب على الإرهاب” العنوان العريض لتبرير التدخلات العسكرية الغربية في الشرق الأوسط وآسيا. منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، شُنت الحروب، أُقرت القوانين، وأُنشئت السجون مثل غوانتانامو تحت هذا الشعار. ومع ذلك، فإن التحولات الأخيرة في الخطاب الغربي تجاه جماعات كانت تُعتبر عدوة تكشف عن ازدواجية صادمة، حيث أصبحت تلك الجماعات تُوصف بالشراكة إذا ما خدمت المصالح السياسية”.
تُبرز الكاتبة تحول النظرة الغربية نحو الجولاني، الذي كان يُعتبر أحد أعداء الغرب على قوائم الإرهاب. واليوم، تُوصف جماعته بأنها “معارضة سورية معتدلة”، بل و”جهاديون معتدلون”.
في تحول مفاجئ، بدأ الإعلام الغربي، بما في ذلك منصات رئيسية، في تسويق صورة جديدة للجولاني وجماعته. تم تسليط الضوء على قرارات مثل تعيين امرأة رئيسة للبنك المركزي في مناطق سيطرة التنظيم، وهي خطوة كانت تُعد مستحيلة قبل سنوات، لكنها تُقدَّم الآن كإشارة على “التغيير الإيجابي”.
المصلحة تُحدد التحالفات
تنتقد الكاتبة التناقض الواضح في السياسات الغربية، مشيرة إلى أن التحالفات تُبنى على أساس المصالح الجيوسياسية، وليس القيم المعلنة.
وتضيف: “الغرب، الذي برّر غزواته في العراق وأفغانستان وقصفه في اليمن وسوريا تحت شعار محاربة الإرهاب، يُظهر الآن مرونة كبيرة في التحالفات. في الحالة السورية، التحالفات تُصاغ على أساس من يعارض نظام الأسد، حتى لو كان هذا الطرف يحمل نفس الإيديولوجيا التي كانت مرفوضة سابقًا”.
تُبرز الكاتبة أيضًا أثر الإسلاموفوبيا في تعزيز هذه السياسات. تشير إلى أن الإسلاموفوبيا، التي استخدمت لتبرير التدخلات الغربية، يُمكن تعليقها أو إعادة توجيهها إذا اقتضت المصالح ذلك. مثال على ذلك هو الثناء على هيئة تحرير الشام لتعيينها امرأة في منصب قيادي، رغم الانتقادات السابقة للمرأة المسلمة في الغرب.
إستراتيجية أمريكية جديدة أم إعادة تعريف للأعداء؟
تقول إيكمان إن الدعم الغربي غير المعلن لهيئة تحرير الشام يُبرز تحوّلًا عميقًا في الإستراتيجية الأمريكية. الهدف لم يعد محاربة الإرهاب، بل تعزيز حالة من الفوضى وعدم الاستقرار تمنع قيام أي نظام مركزي مستقل.
تضيف: “القيم التي يُروج لها الغرب ليست سوى غطاء للمصالح الجيوسياسية. الإرهاب، الذي كان يُعتبر العدو الأول، يمكن أن يصبح شريكًا إذا ما خدم تلك المصالح”.
ما هو الثمن؟
تُشير الكاتبة إلى أن هذا التناقض يثير تساؤلات خطيرة حول مستقبل المنطقة. دعم الجماعات الجهادية، حتى تحت مسميات جديدة، يفتح الباب أمام المزيد من الفوضى والمعاناة للشعوب التي تعيش تحت حكم هذه الجماعات.
تختم قائلة: “الحرب على الإرهاب لم تكن سوى أداة لفرض الهيمنة. واليوم، بات من الصعب إقناع المجتمعات الغربية بمن هو العدو الحقيقي”.
بينما تتغير السرديات، يبقى السؤال الأهم: كيف سيواجه العالم هذه الازدواجية؟ وهل هناك حدود للمصالح التي يُمكن أن تتجاوز القيم؟