تقرير اقتصادي/ مع انطلاق أسبوع مقاطعة متاجر المواد الغذائية الكبرى في السويد، تلقت الأوساط الشعبية خبراً اقتصادياً مثيراً للجدل، حيث أعلنت وزيرة الصحة السويدية عن إصرار الحكومة على رفع الحد الأقصى لمساهمة الدولة في دعم الأدوية، مما يعني زيادة تكلفة الأدوية على المرضى والمتقاعدين بمقدار 900 كرونة سنويًا لكل شخص. هذا القرار يضيف عبئًا اقتصادياً جديداً على الفئات الأكثر ضعفاً، في وقت تعاني فيه البلاد من ركود اقتصادي متزايد.
تشهد السويد منذ سنوات تراجعًا اقتصاديًا غير مسبوق، مدفوعًا بعوامل متعددة، أبرزها الحرب في أوكرانيا، الركود الاقتصادي العالمي، والسياسات الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، والتي أثرت بشكل مباشر على الأسواق المالية وحركة التجارة الدولية. هذه العوامل انعكست بقوة على حياة المواطن السويدي، الذي يجد صعوبة متزايدة في تغطية نفقاته الشهرية، وسط ارتفاع مستمر في تكاليف المعيشة.
في محاولة لاحتواء الأزمة، أعلنت الحكومة قبل فترة عن تخفيض ضريبي على الدخل، لكن المستفيد الأكبر من هذا الإجراء كان أصحاب الدخل المرتفع، بينما حصل المواطن العادي على مكاسب هامشية، لا تسد ثغرة حقيقية. أما المتقاعدون، فقد حصلوا على تخفيض ضريبي بمتوسط 1,400 كرونة سنويًا، أي حوالي 117 كرونة شهرياً، وهو مبلغ لا يعوّض الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية.
رغم تخفيض سعر الفائدة من قبل البنك المركزي السويدي، لا تزال القروض العقارية مرتفعة، مما يضع ضغطاً إضافياً على الأسر السويدية، خاصة الطبقة المتوسطة. في الماضي، كانت الأسرة المتوسطة المؤلفة من أبوين عاملين وطفلين قادرة على تغطية نفقاتها والادخار لرحلات ترفيهية، أما الآن فقد بات هذا الأمر شبه مستحيل.
الزيادات في أسعار المواد الغذائية تُعد من بين الأكثر إيلامًا، فقد ارتفع سعر القهوة بنسبة 18%، وهو مشروب لا غنى عنه في العادات اليومية للسويديين، فيما ارتفعت أسعار الحليب ومنتجات الألبان بنسبة 14%، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية الأخرى مثل الزبدة والجبن واللحوم.
تشهد السويد ارتفاعًا في معدلات البطالة، في حين تستمر الأسعار في الارتفاع، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية ويزيد من الضغوط على المواطنين. المساعدات الحكومية، التي يُفترض أن تخفف من أعباء الأزمة، لا تغطي سوى نسبة ضئيلة من تكاليف المعيشة المتزايدة، ما يضعف الثقة في قدرة الحكومة على تقديم حلول حقيقية.
بدلاً من فرض المزيد من التكاليف على المواطنين، تحتاج الحكومة إلى اتخاذ إجراءات أكثر واقعية لدعم الأسر السويدية. من بين الحلول الممكنة على سبيل المثال وليس الحصر:
- توسيع نطاق التخفيضات الضريبية: يجب أن يستفيد منها أصحاب الدخل المتوسط والمنخفض، وليس فقط الفئات الأعلى دخلًا.
- ضبط أسعار المواد الغذائية: عبر فرض رقابة أكثر صرامة على هوامش أرباح الشركات الكبرى.
- دعم الأسر المتضررة: بزيادة المساعدات الاجتماعية لتتناسب مع التضخم الحقيقي.
- إجراءات تحفيزية لسوق العمل: من خلال خلق فرص عمل جديدة وتقليل العوائق أمام الشركات الصغيرة.
إن استمرار النهج الحالي قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، وارتفاع مستويات السخط الشعبي، في وقت يطالب فيه المواطنون بحلول أكثر عدالة وفعالية. في ظل هذه الظروف، يبدو أن الغضب الشعبي، كما ظهر في حملة مقاطعة متاجر الأغذية، لن يتراجع بسهولة ما لم تبدأ الحكومة في الاستماع واتخاذ إجراءات ملموسة تعكس حاجات المجتمع الحقيقية.