رأي/ أيام قليلة، تفصل الحرب الدائرة في السودان بين الجيش،وقوات الدعم السريع من إكمال عامها الثاني على التوالي، وسط جهود دولية متواصلة لإنهاء الصراع، لكن مع فشل كل جهودها لإقناع الجيش بالجلوس على طاولة حوار، لإنهاء معاناة أكثر من 30 مليون مواطن سوادني.
في غضون ذلك، تشير تقارير إلى أن ما يعقد الأزمة، هو تغلغل جماعة الإخوان المسلمين في المؤسسة العسكرية بالجيش، حيث استغلت الصراع لتحقيق أهدافها المتمثلة بالهيمنة والعودة إلى السلطة .
تأجيج مستمر للحرب
ومنذ اندلاع الحرب، تواصل الحركة الإسلامية تغذية الصراع وإقناع قادة الجيش بمواصلة الحرب مهما كانت التكلفة وبعدم التفاوض، مع وضع شروط تعجيزية، للجلوس على طاولة حوار.
في غضون ذلك، تواصل كتائب البراء بن مالك المحسوبة على الحركة الإسلامية والتي تقاتل في صفوف الجيش، الانتهاكات بحق المدنيين، وسبق أن اتهمتها مجموعة “محامو الطوارئ” بانتهاكات جسيمة في منطقة “الحلفايا ” ببحري، حيث نفذت اعتقلات وتصفية جسدية لمدنيين و عسكريين شمال العاصمة الخرطوم.
وقالت إن الانتهاكات شملت عمليات اعتقال تعسفية ، وجرائم قتل خارج نطاق القضاء، تستند إلى أسس عرقية ومناطقية و بعضها كان استجابة لدعوات التحريض و الكراهية، ونوهت إلى أن جميع الحالات كانت بذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع التي سيطرت على الحي لقرابة عام منذ نشوب الحرب في 15 ابريل، حيث تمارس أنواع العقاب الجماعي للسكان
وقال السياسي والكاتب السوداني صلاح شعيب “الحقيقة أنّ الميليشيات الداعمة للجيش لم تخض الحرب بدافع القناعة بمصطلح ومضمون “حرب الكرامة”، وإنّما خاضتها لتعزز أهدافها المتصلة بالإيديولوجيا، والقبلية، والمناطقية، والانتهازية؛ ولهذا السبب وجد البرهان فرصته كقائد ظاهر للجيش ليراوغ بها من أجل الوصول إلى أهدافه في الحفاظ على حكم البلاد بعون مؤيديه من الإخوان المسلمين.”
وأضاف في تصريح: ” الآن بدأت بوادر حرب كلامية بين قوات درع الوطن التي يقودها أبو عاقلة كيكل وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، وتسهم في تأجيج الفتنة بينهما منصات إعلامية منحازة لهذا الطرف أو ذاك. فضلًا عن ذلك فإنّ هذا التنازع له منحازون من أطراف أخرى تؤيد استمرار الحرب، ولديها انتماءات إسلاموية، ومناطقية، وعسكرية.”
سياسات مرتبكة
وبين هذا وذاك، يواصل قائد الجيش السوداني قيادة البلاد، إلى نفق مظلم، وسط رفض شعبي ودولي لتلك السياسات التي أنهكت الشعب السوداني، حيث قتلت الآلاف، مع تضرر أكثر من 30 مليون شخص سوداني.
ويسعى بشكل مستمر لتشتيت الانتباه الدولي والشعبي لأجندات مختلفة عبر توجيه اتهامات لدول الجوار، فقد أدخل السودان في صراعات مع تشاد وجنوب السودان عبر تصريحات مستفزة يهدد باستهدافها.
كما جمد عضوية السودان من جانب واحد، مع الهيئة الحكومية للتنمية (الإيغاد)، فيما أدخل الخرطوم في أزمة مع كينيا، وأوغندا، بالإضافة إلى إفريقيا الوسطى.
بادرات سياسية
ووسط الرفض الشعبي والدولي للجيش، الذي يواصل ارتكاب انتهاكات توصف بالعرقية، ومع رفض البرهان لوقف معاناة الشعب السوداني التي يتكتم عليها، رغم إعلان الأمم المتحدة ذلك، أعلنت قوى مدنية متحالفة مع قوات الدعم السريع، عن ميثاق تأسيسي للسودان، تقول أنه سيعيد للدولة مفهومها، بعيدا عن الهيمنة الدينية.
ويشدد الميثاق على كفالة الحريات والالتزام بمواثيق حقوق الإنسان الدولية، وحماية المبادئ الداعمة لحريات العمل النقابي والطوعي والتجمع السلمي والتعبير، مع تعزيز مشاركة جميع المواطنين في العملية السياسية، واستقلالية المؤسسات العدلية والمفوضيات القومية، وتمكين المرأة لضمان مشاركتها الفاعلة في كافة مؤسسات الدولة.
دولة مدنية علمانية
ويشمل تأسيس وبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية تعترف بالتنوع، ويحظر تأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس ديني أو عنصري.
ووسط فقدان الجيش لهويته العسكرية بسبب توغل مليشيات الإخوان في هياكله، نص الميثاق على إنشاء جيش بعقيدة عسكرية جديدة مهنية وقومية يخضع للرقابة والسيطرة المدنيتين، وجهاز شرطة مهني يحمي أمن السودان الداخلي والخارجي.
ويرى مراقبون ان هذه المبادرة او مثيلات لها بامكاننا إشعال ضوء في نهاية النفق خصوصا في لاقت التفافا من الاحزاب والتجمعات المدنية، التي ترى ان لا حل للسودان سوى الاتفاق على دولة مدنية تمثل الجميع وتساوي بين الأفراد والشعوب السودانية والأعراف في ظل حكم القانون.
لكن هذه الدعوات التي تبناها مؤخرا قائد قوات الدعم السريع بشكل علني ما يجعله أقرب للقوى المدنية، تصطدم دائما برفض الجماعات الراديكالية ورفض قادة الجيش ايقاف الحرب واستبعادهم لاي حلول سلمية للصراع.