تمر اليوم الإثنين 3 يونيو/ حزيران 2024 الذكرى المئوية الأولى لرحيل الأديب التشيكي فرانز كافكا، الذي يُعد واحدًا من أعظم كتاب الأدب الحديث.
SWED 24 زارت بهذه المناسبة، متحف كافكا في العاصمة التشيكية براغ.
رغم أن المدخل إلى المتحف مدهون باللون الوردي، إلا أن ما في داخله يعكس شيئاً مختلفاً تماماً. صُمم المتحف بطريقة تمنح الزائر انطباعاً واضحاً جداً حول نفسية الكاتب ونظرته الواقعية التشاؤمية إلى الأمور.
دهاليز المتحف الضيقة والأضواء الخافتة جداً التي بالكاد يمكن الإحساس بها، والعروض السينمائية، تنقل بوضوح أفكار كافكا ونظرته للأمور.
المتحف يجذب الشباب
المتحف يجذب الكثير من السياح من مختلف الأعمار، رغم أن الشباب هم الفئة الغالبة. الطقس الماطر لم يمنع الكثيرين من رغبة الاستزادة ومعرفة المزيد عن كافكا، الذي رغم عمره القصير إلا أنه ترك بصمة واضحة في عالم الأدب.
عند نقطة الخروج من المتحف، الذي كان يشبه المتاهة بدهاليزه وأقببته الضيقة المظلمة، اختار شاب عقد قرانه على حبيبته بالقرب من نافورة صغيرة خضراء.
ترى ما الذي دفع بالشابين إلى عقد قرانهما في حضرة كافكا؟ ربما هو اعتراف بوجودهما في حياة جميلة رغم قساوتها.
يشعر المرء وهو في المتحف كأنه يغوص في أعماق بحر عميق مظلم، كائناته ليست سوى خطوط سريالية تتحرك برشاقة وليونة، ليبقى المعنى حصراً عند كافكا.
وُلد كافكا في 3 يوليو 1883 في براغ، وتوفي في 3 يونيو 1924 في كيرلينج، النمسا. وعلى الرغم من مرور مئة عام على وفاته، إلا أن تأثيره على الأدب والثقافة لا يزال حاضرًا بقوة حتى يومنا هذا.
الإرث الأدبي
فرانز كافكا ترك خلفه إرثًا أدبيًا غنياً، يتميز بأعماله التي تستكشف عمق النفس البشرية وصراعاتها مع البيروقراطية والعزلة. من أبرز أعماله “المسخ” (Die Verwandlung) التي تحكي قصة غريغور سامسا، الرجل الذي استيقظ ليجد نفسه قد تحول إلى حشرة عملاقة. هذه القصة القصيرة تعد رمزًا للفردانية والاغتراب، وهي تُقرأ وتُدرس في أنحاء العالم باعتبارها واحدة من كلاسيكيات الأدب العالمي.
أما روايته “المحاكمة” (Der Prozess)، فتعد من أعظم الأعمال الأدبية التي كتبها كافكا، حيث تصور البيروقراطية القاسية والعشوائية من خلال قصة جوزيف ك. الذي يُعتقل ويُحاكم دون أن يُعلم بتهمته. هذه الرواية تعتبر نقدًا لاذعًا للأنظمة الاجتماعية والقانونية، وهي تعكس إلى حد كبير مشاعر القلق وعدم اليقين التي كانت تسيطر على كافكا نفسه.
تأثير كافكا
يعتبر تأثير كافكا على الأدب والثقافة العالمية ضخمًا. مصطلح “كافكاوي” (Kafkaesque) أصبح يُستخدم لوصف المواقف العبثية والمرعبة التي تتسم بالبيروقراطية القمعية والعجز التام. تأثيره يمتد إلى العديد من الكتاب والفنانين عبر الأجيال، منهم جورج أورويل وألبير كامو وغيرهم من الأدباء الذين استلهموا من أعماله الأفكار والمواضيع التي تتعلق بالحرية الفردية والعدالة الاجتماعية.
احتفالات وإحياء الذكرى
في الذكرى المئوية لرحيله، تقام العديد من الفعاليات الثقافية والمعارض الأدبية في جميع أنحاء العالم للاحتفاء بفرانز كافكا وإحياء إرثه الأدبي. في براغ، مسقط رأسه، تقام معارض وندوات تركز على حياته وأعماله، بالإضافة إلى عروض مسرحية تستند إلى قصصه ورواياته.
النهاية
رغم مرور مئة عام على رحيل فرانز كافكا، يظل تأثيره الأدبي والفكري قويًا وحاضرًا في الثقافة المعاصرة. أعماله التي تعالج مواضيع الاغتراب والبيروقراطية والعزلة تجد صدى لدى القراء في كل مكان، مما يجعل من كافكا أحد أعمدة الأدب الحديث التي لن تُنسى.
بهذا، تظل ذكرى فرانز كافكا حية في أذهاننا، وتستمر أعماله في إلهام الأجيال القادمة من الكتاب والقراء على حد سواء.