نشرت المجلة الدورية (Nämndemannen) التابعة لجمعية (مُحَلّفي السويد)، في عددها 4 لعام 2022 لقاءاً صحفيّاً مع مسؤولة استراتيجية الشرطة الاستباقية الجديدة، Annica Odelind، للحديث معها حول الاستراتيجية الجديدة للشرطة في جهود مكافحة الجريمة، أجراه معها الصحفي Thomas Östlund.
تمت ترجمة وتحرير هذا اللقاء إلى العربية، من قبل عباس الجنابي بتصرف وموافقة هيئة تحرير المجلة ومسؤولة الشرطة. وقبل نشر نص اللقاء، ربما من الضروري على القارئ معرفة أن نظام المحاكم في السويد يتكون من قاضي قانوني وثلاثة قضاة سياسيين ترشحهم احزابهم على ان تكون مهمتهم مستقلة عن احزابهم.
يجري التصويت على القرارات حسب الاغلبية. ويحدث ان قرار المحلفين هو الذي يصدر باسم هيئة المحكمة حتى لو إن القاضي القانوني لم يوافق عليه. أدناه نص اللقاء:
الوقايةُ هي الأفضل
تنفيذ الاستراتيجية الجديدة للشرطة في جهود منع الجريمة. هل يبدو الأمر مثيراً؟ قد لا يكون كذلك بالنسبةِ لك، ولكن بدون شك فإن انيكا اودليند ماضيةٌ في هذه المهمة.
صدقاً، لم نكن في جهاز الشرطة على كفاية في مجال مكافحة الجريمة قبل وقوعها، وهذا ما نُريد ان نغيّره الآن. هكذا بدأت انيكا اودليند 52 عام حديثها.
وظيفتها هي شرطيّة مسؤولة عن برنامج التطوير مع التركيز على تنفيذ الاستراتيجية الجديدة للشرطة في مكافحة الجريمة.
السكن: بيت في بلدية سوندسڤال.
العائلة: ابنتان، 17 و19 عاماً. وكلب عمره عاماً واحداً.
اوقات الفراغ: ممارسة الرياضة، قضاء الوقت مع الكلب سونه ومع باقي الاسرة.
تستمع الى: بناتي، موسيقى سويدية حالياً تستمع الى الفرقة الإيسلندية كاليو.
تقرأ: قراءات ترفيهية خفيفة. تقرأ مؤخراً (حيثُ يغني جراد البحر) لـ ( ديليا اوينس).
مثَلُها الأعلى: الرجال هم الذين يختاروا ان يواجهوا ويتخذوا طريق الحوار حول عنف الرجال ضد النساء والاطفال.
لقد اجهدت انّيكا نفسها خلال المؤتمر مع منتسبي الشرطة من الاقاليم السبعة في البلاد. موضوعة المؤتمر تبلورت في فن تحويل الكلمات الجميلة على الورق الى إجراءات واضحة في الحياة اليومية. انّيكا تقود العمل الان لشحذ العمل الاستباقي ضد الجريمة، انطلاقا من الاستراتيجية الوطنية التي اعتمدت في شهر حزيران/ يوني 2022. عدا ذلك تمارس عملها في جهز الشرطة في بلدية سوندسڤال.
كانت انّيكا في حوالي الثلاثين من عمرها حين بدأت دراسة تخصص الشرطة. وكان ذلك مناسباً تماماً لها في كل الاحوال.
“لم أكن ناضجة بما يكفي. كشرطي اقابل اناساً في اوضاع حرجة. وكشرطي لديك سلطة ممارسة القوة على الآخرين. وهذا يستلزم الشعور بالأمان شخصياً والانسجام مع القيم لكي ننجز عملنا بصورة جيدة.
لقد أدركت انّيكا مبكراً اهمية العمل الاستباقي ضد الجريمة. حين بدأت العمل خارج المكتب لاحظتُ اننا نتعامل مع ذات الاشخاص مرة بعد اخرى. وبدأت أفكّر ” اليس ممكنا ان نعمل بطريقةٍ أفضل”؟
القولُ اسهلُ من الفعل
بناء على الفطرةِ نقول بأن الوقاية هي الأفضل. ولذلك نحوز على منبهات ضد الحرائق، إشارات المرور وأحذية تناسب أقدامنا. ولكن بالنسبةِ للشرطة كانت الاقوال أسهلُ من العمل في تقييم نجاعة إجراءات الحيلولة دون وقوع الجرائم.
“الشرطة جهاز لمكافحة الجريمة ومن الطبيعي إننا سنلاحق الجريمة. ولكن لدينا ايضاً واجب الوقاية من الجريمة. وللأسف نضطر غالباً لتأجيل إجراءات الوقاية للتمكن من إنجاز استحقاقات العمل اليومي”. هذا ما تقوله انّيكا.
المعضلة تكمن في صعوبة قياس فعالية إجراءات الوقاية من الجريمة. كيف يمكن معرفة المدى الذي احدثته هذه الاجراءات في تقليل اعداد الجرائم؟
تقوم الاستراتيجية الاستباقية الجديدة على تطوير وتقويم الاساليب والطرق التي نتبين انها حققت نجاح. حيث تشير الدراسات الى ان إثنين من الطرق والاساليب: تعاون المقرّبين وكاميرات المراقبة احدثت تأثيراً إيجابياً.
ما تعنيه انّيكا انه ربما لن يتاح لنا الحصول على إثبات قاطع بنجاعة هذه الاساليب ولكن انطلاقا من الخبرة نلاحظ بأن بعض الاجراءات تُحدثُ فرقاً.
تغيير الثقافة
جهود مكافحة الجريمة تستحق أكثر الاشادة والتصفيق للعمل اليومي للشرطة. تغيير الثقافة وتغيير التعامل هما كلمتان محوريتان في الاستراتيجية الجديدة.
يحدث ان ترتفع الاشادة بين الزملاء في ايام العمل العادية إذا تم وضع اليد على غرام من مادة امفيتامين المخدّرة ويحدث نادراً ان تتم الاشادة بنادي القوارب لجهوده في منع السرقة. هنا يجب إحداث التغيير كما تقول انّيكا.
يلعب رؤساء العمل في كل المستويات دوراً مفتاحياً. فإنهم حين يوجهون الاسئلة حول جهود العمل الاستباقي ضد الجريمة فإنما يشجّعون تسليط الضوء عليه لأنه ببساطة سيكون موجباً الرد على اسئلة الرؤساء.
صور مشوّقة
هذا يعني ان نشرح مهنة الشرطة بصورة صحيحة، على الاقل في مجال جذب منتسبين لدورات دراسات مهنة الشرطة.
الصور المشوّقة مع السرعة، والضوء الازرق انها بالطبع جزءاً من عملنا، ولكنها بالتأكيد ليس كل العمل. فالجريمة هي في صميم اهتمامنا على المستوى الاعلامي والسياسي. وهذا ليس مستغربا في زحمة التفكير بكل حوادث إطلاق النار كما تصف انّيكا.
ومن الطبيعي إننا سنعمل بقوة لحل هذه المعضلة.
وفي ذات الوقت هي ترى إن النقاش في بعض الأحيان يكون مبسّطًا وغير مصقول. بحيث يجري خفض عدد الجرائم المبلّغ عنها بمقدار 6% للنصف الاول من عام 2022 وهذا الامر معروف لعدد قليل من المسؤولين.
عندما عرضنا دراستنا في مقاطعة ميدلپاد تبين منها ان المواطنين يشعرون ويعيشون بأمان أكثر من السابق، لكن أياً من وسائل الاعلام لم تهتم بهذه النتائج.
توجد حاجة لنظام المحلفين (القضاة السياسيين )
انّيكا ترى ان نظام المحلفين يمارس دوراً مهماً في النظام القضائي.
إنها فكرة صائبة وجود اشخاصاً عاديين في المحاكم. انها تعني ان المُحَلّفين لديهم سلطة، وعليه فلديهم مهمة ضخمة.
انهم في العموم اشخاصاً مهتمون بالمجتمع ويصبحوا مُحَلّفين. انهم محتاجون لمعرفة انواعاً مختلفةً من المصطلحات المستخدمة الخاصة بالمجني عليهم، ويسهموا بإيصال هذه المعرفة الى الآخرين.
متفائلة
كيف سيمضي امر الاستراتيجية الوقائية الجديدة للشرطة؟
تجيب انّيكا: إنها متفائلة، على الاقل الآن حيث بدأ العمل صدقاً على تحديد المعوقات التي علينا علاجها، وغالباً تكون هذه هي الخطوة الاولى نحو التغيير. “المشاركون هنا في المؤتمر يملأهم العزم ومصممون على ان نشحذ جهودنا في هذا المجال”.
انّيكا اودليند سعيدة بمهمتها الجديدة، وتنظر لي باستغراب حين اسألها عما إذا عَنَت المهمة بالنسبة لها ترقيةً وظيفية.
“لا، انا لا افكر بهذا الشكل. لأني اعتبر استراتيجية الوقاية في غاية الأهمية”.
النص السويدي: توماس اوستلوند
النص العربي: عباس الجنابي
يمكن تحميل كامل استراتيجية الوقاية من الجريمة من موقع الشرطة www. Polisen.se