مقالات الرأي تعبر عن كتابها وليس عن SWED 24
رأي: لا يُخفى على أحد مدى أهمية الإعلان في مجال التسويق، خاصة عندما يكون متقنًا بمضمونه وشكله. وبهذا الخصوص تحضرني حادثة طريفة حصلتْ في منتصف التسعينيات، عن إعلان كرتوني لبطاطا شيبس (ط) نال شهرة واسعة بكلماته وموسيقاه وبطله، وأدّى، كما سمعتُ حينه، إلى إفلاس صاحب المنشأة الذي ارتبط بسببه بطلبيات كثيرة لم يستطع تلبيتها.
بدأ الإعلان ينمو على هامش الإعلام بوسائله المختلفة، المقروءة والمسموعة والمرئية، وبدأ هذا الدور يزداد بشكل مُلفتْ مع بزوغ فجر التلفزيون.
وعلى سبيل المثال، يمكن أنْ نرصد تنامي دوره، ابتداء من الثمانينيات، في الدورات البرامجية لشهر رمضان في التلفزيونات العربية عامة وفي التلفزيون السوري بشكل خاص، إلى أن وصل لمرحلة كانت تتدخل فيها الشركات الإعلانية الراعية لتفرض شروطها في البرامج التي ترعاها بما يحقّق مصلحتها أولًا.
الإعلان في سورية منوط بمؤسسة حكومية، كان دورها، داعمًا للوسائل الإعلامية كافة، بشكل يحقّق التوازن بين جانبي المؤسسة التجاري والإعلامي.
وفي مطلع القرن الحالي (حوالي 2003/2004) تبنّت الدولة ما سُمي بـِ: قانون السوق الاجتماعي، الذي حوّل المؤسسات الحكومية كلها، بما فيها الإعلامية، إلى مؤسسات تجارية بحتة، استغلّتْ ذلك إدارة مؤسسة الإعلان آنذاك محاولة أن تتدخّل في شؤون التلفزيون وتفرض المسلسلات وبرامج الرعاية التي تريدها تلبية لطلب المعلِنين، بغضّ النظر عن سويتها وتقييمها حتّى أنّها حاولت التدخل في برامج الاتصالات التي لا علاقة لها بالإعلانات أصلًا.
وقد ذكر مدير عام المؤسسة آنذاك أنه استطاع أنْ يرفع إيرادات المؤسسة إلى حوالي ملياري ليرة سورية في سنة واحدة أدخلها إلى ميزانية الدولة.
بدءاً من التسعينيات ومع انتشار البثّ الفضائي وانطلاق الفضائيات اللبنانية والخليجية، الحكومية والخاصة نستطيع رصد ظهور مؤسسات، بل إمبراطوريات، إعلانية ضخمة، بدأت تتحكّم ليس فقط في سوق الإعلانات بل وفي سياسة المحطّات البرامجية، كان أهمّها امبراطورية لبنانية عابرة للدول.
وجاء في أحد المواقع: “ويعدّ أنطوان شويري من أقطاب الإعلان في العالم العربي، استطاع أن يهيمن على جزء لا يستهان به من السوق الإعلانية العربية، ولهذا لُقِّب بإمبراطور الإعلان العربي” انتهى الاقتباس.
وازدهرت، في تلك الفترة، برامج المنوعات والمسابقات والمواهب، وخاصة تلك التي اعتمدتْ شراء رخصة برامج انتشرت في التلفزيونات العالمية كلّ حسب لغته وبيئته.
في مطلع القرن الحالي (منذ العام 2000) سحبتْ شركات الاتصالات (البساط) من تحت أرجل شركات الإعلان لفترة معينة، عندما انتشرت برامج الاتصالات في الفضائيات انتشار النار في الهشيم ، ثم ما لبثت شركات الإعلان أنْ استردّتْ أنفاسها مع اشتداد عضد وسائل التواصل عبر السوشيال ميديا (حوالي العام 2012)، وربما أستطيع القول إنّها: تقاسمتْ (البساط) مع شركات الاتصالات وانطلقتْ لتهيمن على تلك الوسائل وعلى ما يُبثّ فيها من محتوى ، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه مما يُسمّى عصر التفاهة أو الانحدار الثقافي، وصرنا نشاهد أفلامًا لإحداهنّ تقول: سباح الخيييير، أو أحدهم هو وزوجته وتفاهاتهما، أو إحداهنّ تصوّر نفسها (سيلفي) مع حركات سخيفة ، وصارتْ (اللايكات) تترى بالملايين، وكذلك تعليقات (الفانز) البذيئة القاذعة في أغلبها، وكلّما زادت البذاءة ازدادتْ اللايكات وازدادتْ الإعلانات وازداد معها المردود (الدولاري) لصاحب الفيلم (أو ما يُسمّى اليوتيوبر)، وزاد معها انجذاب المراهقين لهذا المردود السهل/ السريع الذي بات حلمًا لشريحة واسعة منهم.
“ما دخل شركات الإعلان بذلك”؟
قد يقول قائل: وما دخل شركات الإعلان بذلك؟
أليس ذلك نتيجة فعل أو مزاج جَمعي كوّنته (الناس) وتبعه الإعلان من منطلق تجاري بحت، على مبدأ (الجمهور أو شبّاك التذاكر عايز كده)؟ فأقول له: وماذا لو لم يدعمها الإعلان، هل كانت ستستمر؟ منوّها إلى موجة الأفلام والمسرحيات الهابطة وأفلام الـ 16 ملم التي ازدهرت في فترة من الفترات، وما لبثتْ بعد مدّة قصيرة أنْ خبتْ، لأنّ مردود شبّاك التذاكر وحده لم يكن كافياً لاستمراها، كما تفعل الإعلانات الآن في استمرار تلك التفاهات.
وختامًا يحضرني أيضاً إعلان مدهش لشركة BMW اعتمدت فيه على إعلان لشركة مرسيدس بمناسبة مئوية تأسيسها
كان إعلان BMW صورة لإحدى شاحنات مرسيدس محمّلة بسيارات BMW كَتبتْ عليه: شكراً مرسيدس لنقل السعادة لعملائنا.