في مسيرة الحياة، التي تشبه رحلة عبر بحر متلاطم الأمواج، نجد أنفسنا أحيانًا غارقين بين أمواج الألم والمعاناة، وأحيانًا أخرى نرتشف قليلاً من نسيم الفرح.
يقول الكاتب الفرنسي ألبير كامو: “في عمق الشتاء، أخيرًا اكتشفت أن بداخلي صيفًا لا يقهر”. هذه العبارة تجسد فكرة أن القوة الداخلية والإرادة يمكن أن تنبثق حتى من أعماق اليأس.
الحياة ليست كمرعى أخضر نقفز فيه بفرح مثلما تفعل الخراف، بل هي أشبه بمزيج من الألم والمعاناة مع قليل من الفرح. هذه الحقيقة يدركها جيدًا من تربى على الصعوبات وتعلم أن تجاوزها يتطلب أكثر من مجرد الأمل، يتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة الحياة والتسلح بالصبر والإصرار ومرات كثيرة قبول واقع صعب.
قد يولد الفهم العميق للحياة مشاعر الكآبة والحزن، ولكن في الوقت ذاته، يمنحنا القدرة على تشخيص مواطن الخلل في حياتنا والبحث عن طرق للتعامل معها والاستمرار. يذكر الكاتب الأمريكي ديفيد فوستر والاس في خطابه “هذا هو الماء” أهمية الوعي والاختيار في تحديد كيفية تفسيرنا للتجارب التي نمر بها وكيفية تأثيرها علينا.
تقبل فكرة أننا في بعض الأحيان لا نستطيع فعل شيء غير الصمت والانتظار هو جزء من الحل. إنه يعلمنا الصبر ويعزز من قدرتنا على التحمل، ويجبرنا على التفكير في معاني أعمق قد تكون مخفية خلف الألم والمعاناة، عن طريقهما يمكننا أن نغوص أميال في فهم الحياة بدون حاجة لقراءة الكتب او الجلوس على مقاعد الدراسة. وأُقر أنهما أصعب مما يُحتمل في بعض الأحيان.
في هذا العالم المليء بالتحديات، يصبح البحث عن السلام الداخلي والقدرة على تحمل الصعاب جزءًا لا يتجزأ من رحلتنا نحو النمو والتطور. الحياة تعلمنا أن الفرح، مهما كان قصيرًا، يستحق الكفاح من أجله، وأن الألم، مهما كان عميقًا، يمكن أن يكون مصدراً للقوة والحكمة.
في مسيرة بقاءنا فوق الأرض ، يبرز أمامنا خيار واحد لا غنى عنه: الاستمرارية. اليأس ليس خياراً متاحاً طالما نحن أحياء، والتخلي عن الأمل لن يضر أحد غيرنا. إن الحياة، بكل ما تحمله من صعوبات، تعلمنا دروساً قيّمة حول الصبر والمثابرة.
ليست الحياة بطعم العسل دائماً، بل أحياناً تكون مريرة، مليئة بالتجارب التي تختبر إرادتنا وتحفز عزيمتنا. لكن في هذه الصعوبات والمحن، تكمن الفرص لنمونا وتطورنا. تجاوز المحن والمعوقات يمكن أن يحول الحياة إلى تجربة أكثر ثراء وعمقاً.
السعادة بعد كل شيء ليست وجهة نهائية بل هي رحلة مستمرة من التعلم والنمو. وعلى قدر الأزمات تُبنى الأساسات والقناعات.
الإدراك بأن الحياة بمرارتها وحلاوتها، هدية ثمينة، يوفر لنا الكثير من الجهد. ومهما كانت التحديات التي نواجهها، يجب أن نظل متمسكين بالأمل والإيمان بأنفسنا، ففي ذلك يكمن جوهر العيش الحقيقي، الإستمرار في الحياة ليس واجباً نحو أنفسنا فقط، بل هو إحتفاء بالحياة نفسها وبكل ما تقدمه لنا من فرص للنمو والتجدد.
إن الحياة، بكل تقلباتها، تقدم لنا دعوة لاكتشاف معنى الوجود الحقيقي والتمسك بالأمل في زمن اليأس.
تذكر دائماً، أنك قادر على إيجاد الصيف الذي لا يقهر في داخلك.
لينا سياوش
مقالات الرأي تعبر عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن SWED 24