بقلم: بير ويرتين – نُشر في صحيفة “إكسبريسن” السويدية
رأي/ في خضم النقاش السياسي المحتدم حول الهجرة، تظهر دراسة جديدة للمؤرخ الاقتصادي توني يوهانسون لتقلب السردية السائدة رأسًا على عقب، وتقدم قراءة دقيقة تستند إلى البحث العلمي لا إلى التصورات المسبقة أو الحسابات الشعبوية.
في تقريره الذي حمل عنوان “مكاسب الهجرة”، والذي عرضته مؤسسة “كاتاليس” الفكرية، يفنّد يوهانسون المزاعم المتكررة التي تتبناها كبرى الأحزاب السياسية في السويد، من الاشتراكيين الديمقراطيين إلى المحافظين وديمقراطيي السويد، بأن الهجرة تمثل عبئًا على الدولة وعلى دافعي الضرائب.
ويذهب إلى القول إن تلك الادعاءات لا ترتكز على أية قاعدة علمية متماسكة، بل على نماذج حسابية مبسّطة ومتحيّزة، تُقارن السويد وكأنها متجر صغير في ضاحية.
وفقًا ليوهانسون، فإن المهاجرين لم يتسببوا بزيادة البطالة، أو ارتفاع الضرائب، أو توسّع فجوات الدخل، كما لم يكونوا سببًا في خلق قطاع الأجور المنخفضة، بل قاموا بتشغيله. وعلى عكس ما يُروّج له، فقد ساهمت موجة اللجوء عام 2015 في دعم النمو الاقتصادي، لا في تراجعه، مشيرًا إلى أن تلك السنوات كانت من أفضل الفترات من حيث الأداء الاقتصادي للسويد.
ويؤكد الكاتب بير ويرتين، أن الأبحاث الأوروبية بمجملها تدعم هذا التوجه، موضحًا أن الهجرة تؤدي إلى نمو اقتصادي حقيقي، وزيادة في مجموع الدخل القومي، وهو ما يتجاهله الساسة في نقاشاتهم المتكررة حول “تكلفة الهجرة”.
كما ينتقد يوهانسون منهجية التقييم المالي التي تعتمد على تصوير أصحاب الدخول المنخفضة كمشكلة عامة – سواء كانوا من المهاجرين أو النساء أو العاملين في الرعاية الصحية – بينما يغيب السؤال الأهم: من الذي سيشغل هذه الوظائف حين تتراجع أعداد السكان؟
السويد، بحسب أرقام هيئة الإحصاء الرسمية (SCB)، ستشهد انخفاضًا في عدد السكان في نصف بلدياتها بحلول عام 2040. والنقص الحاد في قطاعات الرعاية، والصناعة، والخدمات، لا يمكن معالجته إلا من خلال سياسة هجرة أكثر انفتاحًا.
ويرى ويرتين أن تجاهل هذا الواقع الاجتماعي والديمغرافي قد يُدخل البلاد في ركود طويل الأمد، مؤكدًا أن الوقت قد حان للتحدث بصراحة:
“الهجرة ليست عبئًا… إنها ضرورة اقتصادية، واجتماعية، وإنسانية.”
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن الذين يهاجمون الهجرة تجاهلوا الحقيقة الأساسية التي تؤيدها الأبحاث وتفرضها الحاجة الواقعية للمجتمع: “المهاجرون لم يضعفوا السويد، بل هم من دعموا نهوضها، وهم من سيؤمن مستقبلها.”