نورا ميرزا (38 عاما) واحدة من النساء المهاجرات اللواتي نجحن في قطاع الصيدلة بالسويد، وهي الآن مسؤولة عن صيدليتين في مدينة يونشوبينغ.
وصلت الى السويد في العام 1999، قادمة من بغداد مع عائلتها، ورغم أنها كانت تبلغ من العمر 15 عاماً، إلا أنها استطاعت إعادة دراسة المتوسطة والثانوية من جديد والتحقت بالجامعة للدراسة ومن هناك استمرت قصة نجاحها في مجتمعها السويدي الجديد.
البدايات
لم تهدر نورا الوقت دون ان تستفاد منه في تعلم اللغة السويدية واكمال دراستها بكفاءة، فهي عاشت في عائلة متعلمة تقدس العلم، فوالدها أدور ميرزا كان يعمل استاذاً جامعياً في بغداد، فيما كانت والدتها تعمل مديرة مدرسة متوسطة واعدادية، وهذا ما شجعها واخوانها على الاجتهاد في الدراسة والنجاح فنورا لها ايضا اخت صيدلانية وأخ مهندس عاملين ايضا في السويد .
تقول نورا، لـ SWED24: “كان والدي يرفدنا بشكل مستمر بكل ما نحتاج اليه لتعلم اللغة من قواميس ومستلزمات دراسية، فقد شجعنا كثيراً واستمر في دعمنا. كنا في البيت كخلية نحل دراسية، ابتداء من والدي ووالدتي وحتى اخواني، كل منّا كان يجلس بزاوية في المنزل ويُبحر بدراسته وكتبه”.
اختارت نورا فرع Apotekstekniker ضمن دراستها الثانوية، لتكمل في الجامعة دراستها كـ Hälsocoach، ما يعني العمل كموجهة للصحة الجسمية ومساعدة الاخرين في اختيار نمط الحياة الأنسب لهم وفقاً لما يقدمونه من معطيات او ما يعانون من أمراض.
تضيف نورا، انها اختارت عملها هذا لأنها اجتماعياً نشأت على فكرة ان الطالب المتفوق يجب ان يختار الدراسة بتخصص عالي، لكنها اكتشفت بعد ذلك انها فعلاً احبت التخصص الذي اختارته وارادت المواصلة فيه.
صعوبات
وحالها كحال جميع القادمين الجدد الى السويد، واجهت نورا صعوبة في تعلم اللغة وفي التكيف مع المجتمع الجديد لكنها وبعزمها ومثابرتها تجاوزت ذلك ونجحت .
تقول: “كانت لدينا حياة جميلة في بغداد والأردن التي بقينا فيها لفترة من الزمن، لكن تكاتفنا كعائلة مُحِبة للعلم والتعلم استمر معنا حيث بعد وصولنا لدولة السويد ساعدتنا كثيراً في تخطي الصعوبات التي واجهتنا وفي تكثيف جهودنا من اجل تعلم اللغة ، كنّا نتابع القنوات التلفزيونية السويدية وهو ما ساعدنا أكثر في سرعة تعلم اللغة “.
الأفضل للزبون
وعن ظروف العمل في المجال الصيدلي وكيفية التوفيق بين زبائن ينحدرون من ثقافات ولغات مختلفة، تقول: “نتجه دائما الى تحقيق الأفضل للزبون، وبالتأكيد نستخدم كل ما نملكه من معارف لغوية من أجل حصول الشخص على المساعد المطلوبة”.
وتوضح انها وفي الصيدلية التي تعمل فيها يتوجه اليها الكثير من الزبائن الذين يعرفون انها تجيد الحديث بالعربية والسريانية والانكليزية ، ويطلبون مساعدتها في الكثير من الأسئلة ويكونون سعداء ومرتاحين جداً ويشعرون بالفخر عندما تقوم بمساعدتهم.
وتقول: “هذا امر يسعدني ربما أكثر مما يسعدهم. في بعض المرات توجه لي أسئلة لا تخص عملي في الصيدلة، لكني لا أبخل عليهم بالإجابة إذا كنت على معرفة تامة بها”.
نظام صيدلي رائع
ترى نورا ميرزا ان النظام الصيدلي في السويد رائع ومتطور جداً بل ربما يعد من أفضل الأنظمة في العالم، وتقول: “النظام الصيدلي في السويد جيد جداً لأنه يضع صحة المواطن ضمن الأولوية القصوى”.
وتوضح، قائلة “من المهم جداً الحصول على وصفة من الطبيب قبل صرف الدواء المناسب للشخص، مهمتنا في الصيدلية ان يعرف الزبون انه يجب العمل بهذه الطريقة وان نشرح له فوائد ومضار الدواء في حال أُسيء استعماله”.
تتابع القول: “في السويد لدينا نظام جيد جداً في عدم استعمال أدوية متعددة في الوقت نفسه وعدم الإفراط في استخدام المضادات الحيوية وهو امر إيجابي لكن في بعض المرات اعاني من صعوبة في افهام الزبون ان الاكثار من اخذ المضادات الحيوية تفقد الجسم مناعته”.
اهتمامات جمالية
ورغم ان نورا متزوجة ولها طفلان، صبي 13 عاماً وفتاة 7 أعوام وما يعنيه ذلك من مسؤوليات سواء بالعمل او في المنزل، الا انها تجد الوقت المناسب للقيام بهوايتها المفضلة وهي الاهتمام بحديقة منزلها وبالاخص الزهور.
تقول: “يجذبني الاهتمام بالزهور كثيراً، ذلك يمنحني الكثير من الاسترخاء، وأفكر في ان يكون لي محل لبيع الزهور في المستقبل”.
تثني نورا على دور والد زوجها الذي لا يبخل عليها بالمعلومات الزراعية في كيفية زراعة الزهور والاهتمام بها، وتشكره على ذلك.
تشجع نورا اطفالها على ان يكون لهم اهتماماتهم الخاصة ايضاً، وترى ان فسح المجال امام الأطفال لتجربة ما يحلو لهم من هوايات يمنحهم أرضية خصبة وقاعدة أساسية وثقة في النفس لتكوين فكرة لما يريدون ان يكونوا عليه في المستقبل.