SWED 24: منذ عودته إلى البيت الأبيض، لم يُضِع دونالد ترامب أي وقت قبل إعادة إشعال المواجهات الاقتصادية، مستأنفًا سياساته الصارمة التي تستهدف حلفاء وخصوم الولايات المتحدة على حد سواء. بعد فرض رسوم جمركية جديدة على الصين وأستراليا وكندا، جاءت التهديدات بفرض تعريفات إضافية على الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك السويد، ما أثار مخاوف من تصعيد قد يصل إلى حرب تجارية شاملة.
إلى جانب المعركة التجارية، يضغط ترامب أيضًا لزيادة مساهمة أوروبا في ميزانية الناتو، بينما يتحدث نائبه جي. دي. فانس علناً عن احتمال فرض سيطرة أمريكية على جزيرة غرينلاند الدنماركية، وهو ما يفتح باباً جديداً للخلاف بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين.
إذا مضى ترامب قدماً في فرض رسوم جمركية جديدة على السلع الأوروبية، فإن الاتحاد الأوروبي، وخصوصًا الاقتصاد السويدي، سيكونان من بين الأكثر تضررًا.
لماذا السويد في قلب العاصفة؟
- تعتمد الشركات السويدية الكبرى، مثل إريكسون، فولفو وسكانيا، بشكل كبير على الأسواق الأمريكية. فرض تعريفات جمركية مرتفعة سيجعل صادراتها أقل قدرة على المنافسة.
- الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما ينعكس على أسعار المستهلكين وزيادة البطالة في القطاعات المتضررة.
- قد تؤدي هذه الحرب التجارية إلى إضعاف الكرونة السويدية، مما يزيد من الضغوط التضخمية داخل السويد وأوروبا.
أما على المستوى الأوسع، فإن الرد الأوروبي عبر تعريفات مضادة قد يزيد من حدة المواجهة الاقتصادية، ما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع الأسعار في كلا الجانبين.
غرينلاند.. أزمة جديدة بين واشنطن وأوروبا؟
إلى جانب النزاع الاقتصادي، برز ملف غرينلاند كمصدر توتر جديد. تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جي. دي. فانس حول إمكانية فرض السيطرة الأمريكية على الجزيرة أثارت ردود فعل غاضبة في الدنمارك ودول الشمال الأوروبي.
رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتة فريدريكسن، سارعت إلى الرد بوضوح: “نحن حلفاء أقوياء، لكن غرينلاند ليست للبيع وليست محل مساومة.”
الجزيرة، ذات الموقع الاستراتيجي الحساس في القطب الشمالي، تمثل نقطة تنافس بين القوى العالمية، إذ تسعى الولايات المتحدة، الصين، وروسيا إلى توسيع نفوذها هناك. في حال ضغطت إدارة ترامب أكثر على هذا الملف، فقد نشهد تصعيدًا دبلوماسيًا قد يؤثر على استقرار العلاقات بين واشنطن وأوروبا.
هل أوروبا مستعدة للمواجهة؟
حتى الآن، تحاول الحكومات الأوروبية تجنب التصعيد، مفضلة لغة الدبلوماسية والتفاهم، لكنها تدرك أن سياسات ترامب قد تتطلب ردودًا أقوى في المستقبل. من بين الخيارات التي قد تتخذها أوروبا، بحسب المتابعين والاقتصاديين، فإن السيناريوهات المحتملة قد تتمثل في، تعزيز التعاون التجاري مع الصين (وأن كان الخيار هذا مستبعد بعض الشيء) وآسيا، ما قد يعزل الولايات المتحدة اقتصادياً، زيادة الاستثمارات الدفاعية داخل الاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على الناتو وإعادة هيكلة القطاعات الصناعية والتكنولوجية للحد من التأثير الأمريكي على الاقتصاد الأوروبي.
وحذرت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، كايا كلاس، من أن الصين ستكون المستفيد الأكبر في حال اندلاع حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا، مؤكدة على أهمية الحفاظ على العلاقات الاقتصادية المتينة بين الجانبين.
وفي تصريحات لها، قالت كلاس: “نحن مترابطون بشكل وثيق للغاية. أوروبا بحاجة إلى الولايات المتحدة، والولايات المتحدة بحاجة إلينا”.
مع تصاعد التوترات، تبدو العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا على مفترق طرق خطير. إما أن ينجح الطرفان في التوصل إلى حلول تجارية ودبلوماسية تحافظ على الاستقرار العالمي، أو أن تتحول هذه التهديدات إلى نزاع اقتصادي حاد قد يُعيد تشكيل النظام الاقتصادي الدولي.
هل تتجه واشنطن نحو مواجهة مفتوحة؟ أم أن المصالح الاقتصادية المشتركة ستفرض تهدئة قبل فوات الأوان؟