SWED24: اتخذ الدنماركي أندرس بويزن خطوة جريئة يحلم فيها كثيرون لكن لا يجرؤون على اتخاذها.
ترك بويزن وظيفته المرموقة في قلب المدينة وانتقل إلى حياة أكثر بساطة وسط الغابة. اليوم، يعيش في منزل متواضع تبلغ مساحته 14 مترًا مربعًا فقط، لكنه أكثر سعادة من أي وقت مضى.
قبل اتخاذ قراره المصيري، كان أندرس يعيش حياة روتينية متكررة بين العمل والتنقل والجلوس لساعات طويلة أمام شاشة الحاسوب. شعر أن حياته تفتقر إلى المعنى الحقيقي، رغم الراتب الجيد والمسمى الوظيفي الرفيع.
في عام 2020، قرر أندرس أن يقطع هذا الروتين، فاستقال من عمله في مدينة آرهوس الدنماركية المزدحمة، واختار ترك الحياة الحضرية تمامًا ليبدأ مغامرته في الطبيعة، حيث بنى منزله الصغير بنفسه بعيداً عن الضوضاء وضغوط الحياة.
حياة مكتفية ذاتياً في منزل بلا ماء أو كهرباء
عندما بدأ أندرس بناء منزله، لم يكن هناك مياه جارية أو كهرباء، لكنه قرر أن يكون مكتفيًا ذاتيًا بالكامل. يعتمد على الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء، ويجمع مياه الأمطار للاستخدام اليومي، كما يقوم بزراعة الخضروات والفطر ويعتمد على الصيد وشراء اللحوم من الجيران.
يقول عبر حسابه على إنستغرام إن غزالًا واحدًا يمكن أن يوفر له نحو 15 كيلوغرامًا من اللحم، وهو ما يكفيه لفترة طويلة، إذ يتبع أسلوبًا صارمًا في تقنين استهلاكه للطعام. كما أنه يعتمد على موقد الحطب لتوفير التدفئة والطهي.
أندرس لم يكتفِ بتغيير أسلوب حياته فقط، بل قرر مشاركة تجربته مع الآخرين. في عام 2022، نشر كتابه “كيف تعيش صغيراً وتكون سعيدًا”، حيث يروي تفاصيل رحلته نحو العيش البسيط. كما ينشط على قناته في يوتيوب، حيث يعرض لمتابعيه يومياته عن الحياة خارج الشبكة الكهربائية، ويوضح كيفية بناء منزل صغير والاعتماد على الذات.
كيف يكسب أندرس المال؟
رغم الحياة البسيطة، لا يزال أندرس بحاجة إلى بعض المال لتغطية احتياجاته الأساسية. لكنه ابتعد عن العمل التقليدي، وأصبح يعتمد على مهاراته الجديدة.
في إحدى فيديوهاته على يوتيوب، أجاب على سؤال كثيرًا ما يُطرح عليه: “كيف تكسب المال؟”، فأوضح أنه يدير دورات تدريبية في البناء والزراعة المستدامة، بالإضافة إلى تنظيم محاضرات عن تجربة العيش في منزل صغير خارج الشبكة الكهربائية.
ويضيف: “أكثر ما أكسب منه المال هو إلقاء المحاضرات عن الحياة البسيطة والاكتفاء الذاتي. كما أنني أدرّب الناس على بناء المنازل الصغيرة، وهو أمر ذو معنى كبير بالنسبة لي. أشعر أنني أساعد الآخرين على تحقيق حلمهم في العيش بطريقة أكثر استقلالية، وهو أكثر جدوى من الجلوس على مكتب لساعات طويلة، كما كنت أفعل في الماضي.”
ورغم أنه يعيش بعيدًا عن صخب المدينة، إلا أن أندرس ليس وحيداً، فإلى جانب جيرانه، يرافقه كلبه الوفي “بورسيمات”، وهو مزيج من كلب الراعي الألماني وكلب الزلاجات وكلب الرعي بوردر كولي.
ما فعله أندرس هو حلم يراود الكثيرين، لكنه يبقى صعب التحقيق للكثيرين بسبب متطلبات الحياة العصرية. ومع ذلك، فإن قصته تُظهر أن التخلي عن الحياة الاستهلاكية والسعي وراء البساطة ليس مستحيلاً، بل يمكن أن يكون طريقًا نحو السعادة الحقيقية، بعيدًا عن سباق الحياة المحموم وضغوط العمل المستمرة.