“عصابات الجريمة الحالية في السويد، أكثر عنفاً من قبل، لكنها أقل تنظيماً”! هذا ما يقوله لـ “Swed 24”، (سمير) وهو اسم وهمي، لرجل يبلغ من العمر 42 عاماً، دخل السجن مرتين بسبب “مشاكل تورطت فيها بسبب التهور وعدم قدرتي على السيطرة على نفسي”، كما يقول.
في إحدى هذه المرات، أطلق سمير النار على شباب آخرين فأصابهم بجروح، فيما دخل السجن مرة أخرى لتورطه في جرائم المخدرات.
كان عمره 15 عاماً عندما جاء إلى السويد من العراق في العام 1995.
يقول: “أول ما وصلت الى هنا، وجدت السويد بلداً جميلاً، لكن سرعان ما اصطدمت بالواقع، فاللغة كانت أولى المشاكل، وشعوري بالعزلة وعدم وجود أصدقاء وبيئة اجتماعية حاضنة لي، دفعتني الى البحث عن جماعات شبابية أجد نفسي فيها، كمراهق وشاب صغير.. هكذا تبدأ الأمور وسرعان ما يجد الشاب نفسه متورطاً في الجريمة، الى أن يصل الى النتيجة التي لا مفر منها، وهي أنه لا جدوى من هذا الطريق الخاطئ”.
“لم أكن أسيطر على نفسي”
كشاب صغير بدأت المشاكل مع سمير، في البداية أقرب إلى أن تكون عادية مثل الشجارات مع شباب يقول إنهم كانوا يحاولون الاعتداء عليه في المطعم الذي كان يديره، وأخذ أتاوات منه، مع انه كان في الوقت نفسه يدرس. “منذ أيام المراهقة شعرت أن لي طاقة زائدة تحتاج الى تصريف لذلك كانت سيطرتي على نفسي ضعيفة. الإنسان الذي يكون لديه مثل هذه الطاقة يجب ان يصرفها من خلال الرياضة او المشي، لكننا لم نكن نعرف هذه الحقيقة. لم يكن أحد يوجهني أو يعلمني ذلك. “وعندما تعمل وتكون ناجحاً تبدأ المشاكل مع الآخرين”.
يضيف سمير: “بعد ذلك زادت المشاكل خصوصا ان الشاب الصغير الذي ينخرط في هذا المجال يشعر بـ “متعة” و “سهولة” الحصول على المال والقوة. فهذا الطريق أسهل، وبعد أن أصبحت في الـ 25 وجدت نفسي منخرطاً في عالم المخدرات و”الجماعات الشبابية” لإثبات الوجود وإظهار القوة للآخرين أكثر مما لكسب المال”.
دخلت السجن بسبب إطلاقي النار
يقول سمير: “دخلت السجن لأول مرة بسبب إطلاقي النار على مجموعة كانت تهددني ولم أشعر في ذلك الوقت ان هناك طريقة أخرى للدفاع عن نفسي، غير اللجوء الى السلاح. عندما خرجت من السجن، شعرت أنني أقوى بكثير من قبل، وفي الحقيقة لم استفد من دورات التأهيل في السجن، لكن في المرة الثانية وجدت نفسي مختلفاً، واستفدت كثيراً من مساعدة المجتمع لي في السجن، واقتنعت أنه يجب أن أترك هذا الطريق”.
من الأشياء التي تساعد المدان في السجن بحسب سمير، “هي المحاضرات والتوجيه الصحيح التي تدعوك الى قطع التواصل مع محيطك السابق وتغيير المدينة التي تعيش فيها وتجربة حظك في مدينة ثانية واختيار مجتمع جديد”، وهذا ما فعله سمير بعد خروجه من السجن في المرة الثانية.
عصابات اليوم أعنف
يقول سمير: “قبل 20 سنة لم يكن هناك عصابات عنيفة وإجرامية كما هو الحال عليه اليوم، كنا نتشاجر ونتصالح، ولم نكن نلجأ الى هذا المستوى من العنف كما يحدث الآن.
أعتقد أن على المجتمع والحكومة القيام بالكثير من أجل الحد من هذا العنف، فما يحدث هو مشكلة عالمية وليس في السويد وحدها. الكثير من الدول حلت مشكلة المخدرات بتشريع بيع بعض أنواعها لكن السويد ترفض ذلك”.
على المجتمع ان يهتم بالفئة العمرية من 15 الى 20 عاماً، حيث تقع مسؤولية كبيرة على المدارس من ناحية الاهتمام بهذه الفئة ومتابعة ومعرفة ماذا يعاني الأطفال والشباب الصغار، لكن المجتمع مع الأسف لا يعالج هذه الأمور.
سابقا كانت المشاكل أقل، رغم أن العصابات الحالية أقل تنظيما من قبل، فالذي يحدث الآن أن معظم الجرائم وإطلاق النار تحدث بشكل فردي وانتقامي وليس عن طريق أوامر من قيادات عصابات منظمة، كما أن التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي زاد من وتيرة العنف وشجع الصغار على التورط في عالم الجريمة”.
الشباب الصغار لا يريدون اظهار أنفسهم ضعفاء عندما يتعرضون الى الاعتداء او التنمر لذلك ينخرط العديد منهم في المجاميع الإجرامية لحماية نفسه وإثبات الذات وإظهار القوة”.
كيف يتخلص الشاب من العصابات؟
لا يعتقد سمير أن من يترك العصابات سيتم قتله! “هذا الشيء لا أؤمن به، فهو من نسج خيال أفلام هوليوود. العصابات الحالية عشوائية وغير منظمة لكن هناك ثلاث أو أربع مجاميع مشهورة.. أكثرية قادة هذه العصابات في السجن حاليا. لا يوجد مستقبل للعصابات لأن الجميع سيدخلون السجن في الأخير.
القوانين الحالية يجب أن تتغير فهي لا تواكب مستوى التحديات فالكثير من الإجراءات بطيئة جدا. هناك خلل في بطئ اتخاذ القرار وتحديد نوع العلاج.
اللاجئون القادمون الى السويد جاؤوا من بلدان فيها حروب وأزمات اجتماعية واقتصادية كبيرة لذلك على المجتمع أن يهتم بهم أكثر من غيرهم، وليس تركهم في ضواحي فقيرة ومناطق مستوى التعليم فيها سيء”.
ماذا يفعل سمير الآن؟
يقول: “بعد انتقالي الى مدينة ثانية شعرت لمدة قاربت 5 سنوات بعد خروجي من السجن بصعوبة كبيرة في الاندماج بالمجتمع، وكنت اشعر بالملل وكيف أن الحياة كانت سابقا أسهل لكن اصراري على التغيير مكنني من النجاح في حياتي الجديدة.
أصبحت أكثر نضجاً وحتى بعد أن بدأت العمل كان لدي صعوبات لكن كنت قررت أن اترك طريق الجريمة لا يوجد شيء اسمه الحصول على المال السهل بشكل دائم.. كان لي دعم قوي من العائلة فقد ساعدتني كثيراً، وحاليا لديّ العديد من المشاريع التجارية في قطاع المطاعم والمقاهي، وأثناء جائحة كورونا واجهت مشاكل اقتصادية وتحديات لكن لم أعد الى الحياة السابقة، وحاليا أخطط أن أوسع من مشاريعي الى خارج السويد، أيضاً”.