SWED24: حذر الأخصائي النفسي مارتن فورستر من تنامي ظاهرة “الضغط المكثف على الوالدين” في السويد، وهو نمط من التربية يتسم بانخراط مفرط للآباء في تفاصيل حياة أطفالهم. وتعود جذور هذه الظاهرة إلى الولايات المتحدة، حيث باتت شائعة بما يكفي لأن تُصدر السلطات الصحية هناك تحذيراً بشأنها.
وفي لقاء تلفزيوني ضمن برنامج “Nyhetsmorgon”، أوضح فورستر أن هذا النوع من الوالدية قد يبدو في ظاهره نابعاً من الحرص والرغبة في تقديم الأفضل للطفل، لكنه في جوهره يؤدي إلى مستويات عالية من التوتر قد تضر بصحة الأهل والأبناء على حد سواء.
ويشير مصطلح “الضغط المكثف على الوالدين” إلى أسلوب حياة يبذل فيه الآباء مجهوداً متواصلاً لتحسين حياة أبنائهم، سواء في الدراسة أو الأنشطة أو الدعم النفسي. لكن في المقابل، يشعر الكثير من الآباء في السويد اليوم أن نجاح أبنائهم مسؤوليتهم الكاملة، دون اعتبار لعوامل مجتمعية أو بيئية قد تؤثر على مسار الطفل.
فورستر يرى أن هذا التحول في الذهنية ترافق مع تغييرات أوسع في المجتمع، منها تزايد القلق العام، تدهور الصحة النفسية لدى الشباب، وتحديات اقتصادية تواجهها الأسر السويدية. وعلى الرغم من وجود نظام رفاه اجتماعي قوي مقارنة بالولايات المتحدة، فإن الآباء في السويد يجدون صعوبة متزايدة في موازنة الأدوار بين العمل، والحياة الشخصية، وتربية الأبناء.
الضغوط لا تقتصر على الداخل فقط، إذ تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في تفاقم الشعور بعدم الكفاية، عبر تقديم صور مثالية لحياة أسرية لا تعكس الواقع.
وللتخفيف من هذا الضغط، يقدم فورستر مجموعة من النصائح، أولها تقليل التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وتجنب الحسابات التي تروج لصورة “الأسرة المثالية”. كما يشجع على إعادة التفكير في القيم التي يتبناها الأهل، والتساؤل عمّا إذا كان كل شيء في مستقبل الطفل يجب أن يكون مرهوناً بمجهود الوالدين فقط.
ويؤكد فورستر أن الحوار داخل الأسرة، وخصوصاً بين الوالدين، هو خطوة محورية نحو تخفيف الضغط. فالتفاهم حول مستوى الطموح المطلوب في تربية الأطفال يمكن أن يخلق توازناً صحياً، خاصة أن النساء، بحسب الدراسات، يشعرن بضغط أكبر في هذا الجانب من الرجال.
كما يشير إلى أهمية مراجعة نمط الحياة عمومًا، فربما يكون الحل في إجراء تغييرات أكبر مثل تقليل عبء العمل أو الانتقال إلى بيئة أقل توترًا.
ويختم فورستر حديثه بالتأكيد على أن “الكمال ليس مطلوباً”، وأن الأبحاث تثبت أن ما يحتاجه الطفل هو أبوين “جيدين بما فيه الكفاية”، وليس مثاليين.