رأي/ في تحول يعكس تغيرا جوهريا في سياسات الهجرة والاندماج، تعمل الحكومة السويدية بالتعاون مع حزب ديمقراطيي السويد (SD) على فرض قيود مشددة على شروط منح الجنسية، وهي خطوة لن تدخل حيز التنفيذ قبل عام 2026، لكنها أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والسياسية.
هذا التوجه، الذي يهدف إلى “تشديد الرقابة” و”رفع مستوى المسؤولية”، يحمل في طياته تبعات قد تكون ثقيلة على اللاجئين والمهاجرين الذين يعيشون في حالة ترقب وانتظار.
تشمل التعديلات المقترحة إطالة فترة الإقامة المطلوبة للحصول على الجنسية إلى مدة أطول، إضافة إلى اشتراط “أسلوب حياة شريف”، وهي صياغة غامضة تثير تساؤلات حول معايير تطبيقها. وتهدف هذه الإجراءات، حسب الحكومة، إلى تعزيز اندماج أفضل وتقليل المخاطر الأمنية.
لكن التعديلات لن تدخل حيز التنفيذ قبل عام 2026، ما أثار مخاوف الحكومة وحزب SD من أن يتم منح عشرات الآلاف من الجنسيات خلال الفترة الانتقالية. ولتفادي هذا السيناريو، لجأت الحكومة إلى استراتيجيات جديدة، من بينها إبطاء البت في طلبات الجنسية، وهو ما يترك المتقدمين في حالة من الانتظار القسري والمعاناة النفسية.
التفاف الحكومة السويدية على القوانين الحالية من خلال إطالة الإجراءات البيروقراطية لمعالجة طلبات الجنسية يثير جدلاً قانونياً وأخلاقياً كبيراً. من الناحية الشكلية، قد يكون تأخير المعاملات ضمن إطار الصلاحيات الإدارية، لكن إذا تم استغلال هذه الصلاحيات بشكل متعمد لتحقيق أهداف سياسية أو للالتفاف على الدستور، فإن ذلك يطرح تساؤلات جدية حول التزام الحكومة بمبادئ سيادة القانون والمساواة.
الدستور السويدي يضمن حماية الحقوق الأساسية للأفراد، بما في ذلك حق الحصول على معاملة عادلة وسريعة، وأي إجراءات تُتخذ لإبطاء أو منع منح الجنسية قد تُعتبر تجاوزاً لهذه المبادئ. استخدام أدوات بيروقراطية لإرجاء حقوق الأفراد يعكس انحرافاً عن تقاليد العدالة والشفافية التي تشتهر بها السويد، وقد يفتح الباب أمام الطعون القانونية والدستورية من قبل المتضررين.
هذا الأسلوب أثار استياءً واسعًا بين الحقوقيين والمجتمع المدني، إذ يرى الكثيرون أنه يعكس تحولًا غير مسبوق في نهج السويد التقليدي القائم على احترام الحقوق والإجراءات القانونية.
آلاف اللاجئين والمهاجرين الذين استوفوا الشروط القانونية الحالية للحصول على الجنسية يجدون أنفسهم اليوم في وضع لا يُحسدون عليه. فبدلًا من أن يكونوا جزءًا من المجتمع السويدي بشكل كامل، يعيشون في ظل حالة من عدم اليقين والقلق.
علاوة على ذلك، يتساءل العديد من هؤلاء الأشخاص عن دوافع الحكومة وراء هذه السياسة. كانت مثل هذه الإجراءات لتبدو مبررة لو استهدفت الأشخاص المتورطين في الجريمة المنظمة أو المشتبه بهم في أنشطة تضر بالأمن الوطني. لكن تعميمها على جميع المتقدمين يُظهر سياسة قاسية وغير متوازنة، تزيد من الشعور بالتهميش لدى الفئات الأكثر هشاشة.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي هذه السياسة إلى تأثيرات عكسية على المجتمع السويدي ككل، حيث يعاني اللاجئون من صعوبات إضافية تعرقل اندماجهم في المجتمع.
لطالما اشتهرت السويد بنهجها الإنساني في استقبال اللاجئين ومنحهم فرصة جديدة للحياة. لكن هذه السياسات الجديدة تشير إلى تصاعد تأثير الأحزاب ذات التوجهات المتشددة، مثل حزب SD، في توجيه مسار السياسات الحكومية.
بدلًا من تبني نهج شامل يوازن بين الأمن الوطني واحترام حقوق الإنسان، تبدو هذه الخطوات وكأنها استجابة مباشرة للضغوط السياسية التي تمارسها هذه الأحزاب.
تأجيل منح الجنسية السويدية يمثل خطوة مثيرة للجدل، تعكس تحولًا جذريًا في سياسات الهجرة والاندماج. وبينما تدافع الحكومة عن هذه السياسات باعتبارها ضرورية لتعزيز الأمن، يرى الكثيرون أنها تسهم في زيادة الانقسامات وتفاقم معاناة الفئات الأكثر ضعفًا.
إذا كانت الحكومة تسعى بالفعل إلى تعزيز مجتمع متماسك وآمن، فإن الطريق لتحقيق ذلك لا يمكن أن يمر عبر تعقيد حياة اللاجئين وتأجيل أحلامهم. بل يجب أن يركز على سياسات متوازنة وعادلة تعزز الاندماج دون المساس بالقيم الأساسية لحقوق الإنسان.
لينا سياوش
مقالات الرأي تعبر عن كتابها وليس بالضرورة عن SWED 24