ستوكهولم: تصاعدت النقاشات السياسية في السويد حول سبل تمويل الزيادة المرتقبة في ميزانية الدفاع، مع اختلاف وجهات النظر بين الأحزاب حول مصادر التمويل الممكنة. يأتي ذلك في ظل توقعات بأن يقرر حلف الناتو خلال الصيف المقبل رفع نسبة الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعني زيادة بحوالي 65 مليار كرونة سويدية على الميزانية الحالية، التي تبلغ نحو 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
مقترحات تمويلية متباينة
في برنامج “أجندة” الذي تبثه قناة SVT، أشارت وزيرة المالية إليزابيث سفانتيسون (حزب المحافظين) إلى أن الحكومة قد تلجأ إلى الاقتراض لتغطية جزء من الزيادة المطلوبة، لكنها شددت على أن أي اقتراض يجب أن يكون مؤقتًا لتجنب تراكم الديون على المدى الطويل.
وفي المقابل، تدفع أحزاب المعارضة اليسارية، بما في ذلك الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب البيئة، وحزب اليسار، باتجاه فرض ضرائب جديدة لتمويل الزيادة الدفاعية. واقترح حزب البيئة فرض “ضريبة استعداد”، في حين دعا حزب اليسار إلى “ضريبة دفاعية” تستهدف رأس المال وأصحاب الدخل المرتفع. كما أوصى المجلس المالي الحكومي بزيادة الضرائب كجزء من الحل، لكن سفانتيسون رفضت بشكل قاطع فكرة إعادة فرض ضريبة العقارات، معتبرة أن ذلك سيؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية.
رفض ضرائب الدخل وطرح بدائل أخرى
من جانبه، أكد حزب الليبراليين رفضه القاطع لزيادة الضرائب على الدخل، محذرًا من تأثير ذلك على النمو الاقتصادي، بينما شدد المتحدث باسم السياسة الدفاعية للحزب، غولان أفسي، على ضرورة إيجاد بدائل تمويلية لا تؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
أما حزب الوسط، فقد رفض أيضًا فكرة رفع الضرائب العامة، لكنه اقترح زيادة الضرائب على منتجات مثل التبغ والسجائر السويدية (السنوس)، التي كانت الحكومة قد خفضتها مؤخرًا. كما دعا الحزب إلى إلغاء بدل العودة للمهاجرين، الذي تم رفعه إلى 350 ألف كرونة سويدية لكل شخص، إلى جانب تخفيض مخصصات التأمين ضد البطالة، معتبرًا أن هذه الإجراءات يمكن أن توفر عدة مليارات من الكرونات لدعم الدفاع.
موقف الأحزاب اليمينية وحزب ديمقراطيو السويد
حزب ديمقراطيو السويد أشار إلى ضرورة إعادة تخصيص الموارد داخل الميزانية العامة، لكنه لم يحدد بنودًا معينة يمكن تخفيضها. ومع ذلك، لم يستبعد الحزب تمامًا إمكانية زيادة الضرائب كخيار أخير، إذ أكد نائب رئيس الحزب هنريك فينغه أن “كل الخيارات يجب أن تبقى مطروحة على الطاولة”. كما أشار فينغه إلى أن التحول من سياسة الفائض المالي إلى سياسة التوازن المالي، الذي سيبدأ العمل به اعتبارًا من عام 2027، سيوفر ما بين 20 إلى 25 مليار كرونة سنويًا، مما قد يساعد في تمويل الإنفاق الدفاعي المتزايد.
انتظار موقف الأحزاب الكبرى
رغم الجدل المحتدم، لم تعلن بعض الأحزاب الرئيسية، مثل الاشتراكيين الديمقراطيين، والمحافظين، والمسيحيين الديمقراطيين، عن مواقفها النهائية بشأن سبل التمويل. ومن المتوقع أن تتضح مواقف هذه الأحزاب مع اقتراب موعد قمة الناتو في الصيف، حيث سيتم اتخاذ القرار النهائي بشأن نسبة الإنفاق الدفاعي المطلوبة.
اتفاق على الهدف.. خلاف حول الوسائل
في المجمل، هناك إجماع سياسي واسع في السويد على ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، لكن الخلاف الأساسي يتركز حول كيفية تمويل هذه الزيادة. وبينما تدعو بعض الأحزاب إلى رفع الضرائب، تسعى أخرى إلى إعادة توزيع الموارد داخل الميزانية، بينما يبقى الاقتراض خيارًا مطروحًا لكن بحذر.
مع استمرار المناقشات، يبقى السؤال الأساسي مطروحًا: كيف ستتمكن السويد من تحقيق هذا الهدف الطموح دون التأثير سلبًا على الاقتصاد أو رفاهية مواطنيها؟