مقالات الرأي تُعبر عن كتابها وليس عن SWED 24
يُعتبر الحديث عن الدين من المواضيع الحساسة في الثقافة السويدية، والكثير منهم لم يعد يمارس الطقوس الدينية باستثناء الاحتفال بالكريسمس وعيد الفصح والذهاب للكنيسة للاحتفال بالزواج، أو لتعميد الطفل أو لمواساة أهل الميت. ولكن الكثير منهم أصبح بعيداً عن الدين، وهذه المناسبات تتم ممارستها كعادات وتقاليد.
عندما قبلت السويد عددا كبيرا من المهاجرين، كان الكثير منهم لا يزال يعتبر الدين شيئا أساسيا في الحياة، وهذا شيء يحترم. فالحرية الدينية حق لكل إنسان، وربما هذه واحدة من الأشياء التي تخيف السويديين حيث أنهم تخلصوا من مشاكل الأديان منذ فترة طويلة ويخافون من عودتها.
قد لا يفهم الكثير من المتدينين لماذا يُعتبر الحديث عن الدين موضوعاً حساساً في السويد، ولكن عليك أن تقرأ عن تاريخ السويد لتفهم سبب تحفظهم هذا.
يعتزّ السويديون كثيراً بالملك غوستاف فاسا، وبحسب ويكيبيديا والمعلومات التي حصلتُ عليها عند زيارتي للمتاحف هنا، أن غوستاف الأول حكم منذ عام 1523 حتى وفاته عام 1560، عرف بأنه كان مستبداً ولكنه أيضاً عزّز استقلال السويد ولُقّب بمؤسس السويد الحديثة، وكان له الدور في تخلص السويد من الحكم الديني -حكم الكنيسة الكاثوليكية- حيث كانت الكنيسة تتلقى من العشور (عُشر دخل جميع الكاثوليك) وحدها قرابة خمسة أضعاف الدخل السنوي للملك. كما امتلكت العقارات والقلاع وأشكال الثروة الأخرى بوفرة.
يربط السويديون حكم الكنيسة بالفقر ويذكرونها كفترة سيئة. ومع الوقت وتطور السويد، أصبح الدين ليس عاملاً أساسياً في حياتهم، حتى أن الكثير منهم لا يتزوجون، وإنما يكتفون بنظام السامبو، أي أن يعيش الزوجان في بيت واحد بدون زواج مثل المُساكنة مع الفرق أن هناك قوانين تحمي حقوق الطرفين. وأصبح همهم هو الحكومة التي ستوفر لهم الحياة الجيدة، والنظام الذي سيكفل لهم التعليم المجاني، والمساواة بين الجنسين، وحقوق الطفل، وحقوق المتقاعدين.. إلخ، ولم تعد هناك أحاديث وصراعات لها علاقة بالدين كما يحدث عندنا حالياً عند الحديث عن الحروب بين الطوائف، واستخدام الدين للتحكم بعقول الناس.
ربما الآن فهمتم لماذا يُعتبر الدين هنا شيئاً من الماضي، ويُفضَّل عدم التحدث عنه؟