نور البدري روائية وسيناريست عراقية مقيمة في السويد، صدرت لها روايتين الأولى بعنوان (بصيص من نور) ورواية (نور جوري) ووضعت رواياتها في المكتبات العامة السويدية، كما لنور عدة مقالات في الدفاع عن حقوق المرأة والطفل نُشرت في الصحف العربية، وهي مؤلفة (قصة وسيناريو وحوار) لمسلسل (انتقام مشروع) مسلسل من انتاج كويتي سيعرض في الأيام القادمة على قناة MBC دراما وشاهد .
حاورتها في اللقاء التالي: SWED 24
بداية حدثينا عن “تورطك” الأول في الكتابة، متى وكيف كان عناقك للأدب ابداعاً؟
عن هذه الورطة الجميلة من أين أبدأ الحديث؟ يصعب جداً أن أحدد البدايات، من فضول أخي في معرفة نهاية قصتي المكونة من نصف صفحة حينما يصعب عليه قراءة خط تلك الطفلة التي كبرت الآن، أم من معلمتي التي سألتني مرة، من يكتب لكِ الإنشاء لأكذب وأقول أمي خوفاً من قول الحقيقة بأني أنا من كتبته فأتهم بالكذب، أم من قص حكايتي المرعبة لأختي ونحن جالستان على ضوء الشمعة تحت الشرشف الذي عملناه كخيمة بعد غلق المصابيح ومن ثم يقلب الأمر ضدي فأخاف أنا حينما أصدق مخيلتي، حقيقة لا أعلم من أين ابدأ.
نور، نود أن نعرف هل تأثرتِ بكاتب معين وسلكتي نهجه؟
تأثرت بالكاتب الكبير (جبران خليل جبران) وسرت على نهجه، قبل ان أضع معالم طريقي الخاص.
كان من الممكن ان تقولي بأنكِ لم تتأثري بأي كاتب كما يفعل الكثير من الكُتاب
بالنسبة لخط الطريق وانكار التأثر فهذا أعتبره مبالغة طبعاً، ومحاولة من الكاتب ان يبعد عنه أي شبهة قد تضع قلمه تحت قلم أي كاتب من جيل يسبقه وبالتالي يضع مجهود سنوات قضاها ينحت ليخترع بصمة له. مجرد أوهام تخيف بعض الكُتاب لا أضن انها من الواقع.
وأنتِ ككاتبة، ألم تخافي من ان يوضع قلمك تحت قلم كاتب صرحتي بأنك قد تأثرتِ به؟
ذكرت ان هذه مجرد أوهام في مخيلة بعض الكُتاب، فكل الناس تتأثر في البدايات، والذين يستمرون بعد ذلك يشيدون عمارات نهجهم، وسيؤثرون في أجيال لاحقة.
ما هي طقوسك في الكتابة؟ دعيني أخمن، ربما تجلسين على الشرفة مع شرب فنجان القهوة السادة وماذا أيضاً؟
ضحكت نور ثم ردت
لا أحب شرب القهوة السادة ولا يوجد عندي طقوس، أكتب حينما يحضرني الهامي، لا يهم ان كنت جالسة على الشرفة أو في غرفتي أو في الحديقة أو أي مكان.
كنت أعتقد ان للكُتاب طقوس خاصة في الكتابة
الأمر يختلف من كاتب لآخر، تماماً كما تختلف طرق القراءة من قارئ لآخر، وفي النهاية المهم ان نحصل على ابداع يحمل المتعة والمعرفة، تم انتاجه في مكان ما، لا يهم أين وكيف، ولكن اعتقد ان جميع الكُتاب يشتركون في شرط واحد اثناء الكتابة، ألا وهو الهدوء.
أنا قرأت روايتك الأولى (بصيص من نور) ولا أبالغ ان قلت انها رائعة وحقًا تأثرت بأحداثها وانتابني الفضول ان أسألك (ما هو الجزء المفضل لديك من الرواية) ؟
سؤال صعب ومحير فأنا أحب جميع أجزاءها لكن سأقول اني قد تأثرت بعودة راحيل الى بغداد بعد أكثر من خمسين عام، وحينما قررت ان تكون الهجرة بقرارها بعد معاناة سنين الغربة.
ماذا عنكِ أنتِ؟ كيف تجدين الحياة بعد ستة عشر عام على هجرتك خارج بلدك؟ هل تحسين بالغربة هنا في السويد؟
أحن وأشتاق لبلدي لكن عائلتي هنا لذلك أنا مرتاحة والحمد لله.
هل عائلتك جميعها هنا؟
نعم عائلتي والكثير من أقربائي.
حدثينا عن مسلسل (انتقام مشروع)، علمنا أنك قد كتبتِ عدة مشاهد تصورت في بغداد مع ان المسلسل من انتاج كويتي وتم تصويرها في دولة الكويت
أحببت ان تكون إحدى بطلاتي عراقية، كما أني قد كتبت مشاهد ليتم تصويرها في بغداد غاية مني في اظهار بغداد بأجمل صورة، وتصحيح نظرة العرب حينما يسمعون كلمة بغداد يتخيلون مدينة مدمرة بسبب الانفجارات والأوضاع التي مرت عليها في السنين السابقة، كما أني آمل ان أكون سبب في احياء السياحة في بلدي من خلال مشاهدة جمالها في المسلسل، ولربما بعدها يتوافد العرب لمشاهدة بغداد على أرض الواقع والتمتع بأجوائها الجميلة.
لم تعرض مسلسلك بعد، لكن نود ان نسألك عن اسم الشخصية التي اخذت منك مجهود أكثر من غيرها في كتابتها؟
ريم، أخذت مني مجهود كبير في تكوين شخصيتها فهي شخصية معقدة بعض الشيء، لكن لن أتكلم عنها أو عن أي تفاصيل عن المسلسل الآن.
هل لديك أعمال فنية أخرى، مسلسلات أو أفلام ستصور قريباً؟
نعم، كتبت سيزن مُكون من 8 حلقات وسيبدأ تصويره قريباً؟
من انتاج خليجي ام عراقي؟ حدثينا عنه؟
انتاج خليجي، ولا أستطع التحدث عن تفاصيل العمل في الوقت الحاضر.
ألا تفكرين بكتابة مسلسل من انتاج عراقي؟
بالتأكيد، سأفعل ذلك بالمستقبل.
ماذا تعقبين عن تزايد المسلسلات العراقية في الآونة الأخيرة؟
سعيدة بذلك، فقد كانت تعاني الدراما العراقية أزمة حقيقية في السنين الأخيرة فبعد ان كانت تحصل على جماهيرية كبيرة أصبحت لاحقًا تصارع من أجل البقاء، لكن الآن أحس وكأن الروح عادت لها وبدأت بالنهوض.
نود ان نسألك، ما الصعوبة التي تواجه المؤلف المبتدئ في كتابة السيناريو والحوار؟
أصعب ما يواجه المؤلف المبتدئ هو صعوبة فهم المناسبة، فللمناسبة مفهوم واسع وعميق ومتعدد لا يقتصر على الجانب البسيط من المفهوم المرتبط بظرف مكاني وزمني محدد، ولربما يجد صعوبة في فهم العلاقة الدينامية بين صاحب الكلام ومتلقيه فهذه العلاقة ترسم من خلالها صورة المثلث الكلامي (المتكلم، الكلام، والمستمع) وثمة ما يمكن وصفه بـ (جو الاستقبال) الذي يقيس مستوى التأثير على المشاهد، ويجب على المؤلف خلق شخصيات مؤثرة من خلال تعزيز طاقة الكلام على التأثير والتغيير والإبهار والإسعاد.
كيف يكون الكاتب استثنائي في كتابة السيناريو أو الرواية أو حتى النصوص؟
لابد من وعي كتابي استثنائي ومستمر لا يتوقف بخصوص حاجة النص المكتوب من الكلام لأن النص كائن لا يختلف عن أي كائن آخر، وهذا الكائن يحتاج الى تناسب مثالي بين مكوناته كي يكون جميلًا في نظر المتلقي سواء قارئ أو مشاهد وأن يجده لائقاً لذاته، وأي خلل في أقدار هذه المكونات وتناسبها يسهم حتمًا في تشويه صورة الكائن النصي وإفساد فعالية الخلق والتكوين، ويجب الإبقاء على ما هو فاعل ومؤثر ومفيد ومكمل، بعيدًا عن الثرثرة.
هل كنتِ تطمحين ان تصلي الى ما وصلتِ إليه اليوم في عالم الكتابة؟
لم أخطط يوماً أن أصبح كاتبة، ولم أسع حتى أن أكون قارئة متميزة، لكن فرض عليّ أن أكون كاتبة، عندما كنت أجد نفسي أغير أحداث رواية أقرأها، وحينما أتخيل نهاية مسلسل قبل ان أشاهد النهاية، وأقص عليّ قصة ما قبل النوم وأكتبها في أحلامي، لكن ليس عيب أن اعترفت أني حينما أحببت الكتابة طورت نفسي من خلال ممارسة التهام الكتب بنَفسِ مدمن يود الخلاص من شيء يورقه، وبدأ حينها طموحي تكبر وفجأة وجدتي نفسي اني قد وصلت الى هنا.
في السنوات الأخيرة كثرت دور النشر وباتت طباعة الروايات أمر سهل وممكن لأي شخص نشر ما يريد، ما تعليقك على ذلك؟
كارثة حقيقة بسبب انعدام الرقابة، فالقلم ممكن أن يغير أفكار جيل كامل، كما ان الآن أصبحت الرواية بيد البعض مجرد (دابة) تحمل أفكار المؤلف، وهو يسوقها بالعصا ليبيع حمولته في الأسواق، بالفعل كارثة ويجب وجود رقابة تقرأ قبل النشر.
هل ممكن أن نقرأ خبر اعتزالك عن الكتابة والتأليف؟
بشكل عام يتوقف الكاتب عن الكتابة عندما يشعر أن مخزونه الإبداعي نضب، أو أنه استهلك موضوعاته ووصل الى نهاية الدرب في النوع الكتابي الذي مارس الإنتاج فيه طوال فترة زمنية، طالت أو قصرت.
أخيراً ما هي نصيحتك لمن يقرأ حوارنا هذا؟
لكل انسان حلم، نصيحتي هي ان لا يتنازل عن حلمه وان يسعى لتحقيق أهدافه، وان فشل وسقط مرة، يجب عليه النهوض ثانيةً وان لا يستسلم للإحباط أو ان يسمح له بالتمكن منه وأنا أؤكد له ان السعي يخلق المعجزات حتى وان كان حلمه صعبًا سيصل اليه بالإرادة.