رحلة قصيرة، ولكنها حافلة بالتألق الكروي والظلم المُمنهج، تلك التي عاشها اللاعب المصري الشاب أحمد رفعت، والتي انتهت برحيله في ظروف غامضة تُلقي بظلالها على التدخلات المُريبة للنُّفوذ والسلطة في حياة الرياضيين.
شبكة Swed 24 تُعيد قراءة ملف رفعت، وتُسلط الضوء على التفاصيل الدقيقة لمأساته، والتي بدأت بوعود براقة من “مسؤولين” نافذين انتهت به سجينًا عسكريًا ثم مُتوفىً في ظروف غامضة.
بداية المأساة: الخدمة العسكرية كـ “سلاح ضغط”
لم يكن أحد ليتخيل أن سيناريو “التجنيد الإجباري” الذي لطم طويلًا أحلام الكثير من الشباب المصري سيطال لاعبًا بحجم أحمد رفعت، والذي بدأ نجمه بالتألق في سماء الكرة المصرية.
ففي عام 2021، وأثناء لعبه ضمن صفوف النادي المصري البورسعيدي، فوجئ رفعت بخطاب رسمي من جهاز الرياضة العسكري يطالب فيه بالتحاقه بنادي طلائع الجيش بحجة أنه “مطلوب للخدمة العسكرية”!
ورغم نجاح إدارة النادي المصري البورسعيدي في احتواء الموقف بشكل مؤقت عن طريق الإبقاء على رفعت بين صفوف النادي مع تعويض طلائع الجيش بلاعبين اثنين هما محمد جابر والمهاجم الكونغولي “كازادي”، إلا أن شبّح “التجنيد” ظل يُلاحق رفعت كـ”لعنة” لا فكاك منها.
“دياب” يدخل على الخط
مع انتقال رفعت إلى نادٍ جديد مملوك لرجال أعمال مقربين من الدولة، ظهر على السطح رجل الأعمال أحمد دياب، المقرب من الدولة والذي يشغل حاليًا منصب رئيس رابطة الأندية المصرية.
وقد وعد “دياب” اللاعب الشاب بحل مشكلته مع التجنيد وتسهيل انتقاله إلى نادي الوحدة الإماراتي لمدة موسم واحد.
من أضواء الملاعب إلى ظلمة السجون: “دياب” يُنفذ مخططه
في أكتوبر 2022، وبعد أن أتم “دياب” صفقة بيع رفعت للنادي الإماراتي نظرًا لضخامة العرض المادي الذي يُقدر بنصف مليون يورو، سافر اللاعب إلى الإمارات دون أن يحصل على تصريح رسمي من وزارة الدفاع، وكانت كل التطمينات من “دياب” تؤكد أن الأمور تحت السّيطرة.
ولكن وبعد ستة أشهر فقط، وبينما كان رفعت في طريقه للإمارات لإنهاء بعض الإجراءات، فوجئ بإلقاء القبض عليه في مطار القاهرة بتهمة “التَّهرُّب من الخدمة العسكرية”.
لم تُجدِ علاقات “دياب” النافذة في المجال العام المصري في إنقاذ اللاعب الشاب، ليجد نفسه سجينًا عسكريًا يدفع ثمن وهم “حُلم الاحتراف” الذي باعه له “تاجر الأوهام”.
بين السّجن والتدريبات الانفرادية: لاعب محطّم ومستقبل ضائع
بعد قضاء عقوبة الحبس العسكري، لم يُترك رفعت وشأنه، بل ظل قيد “الإقامة الجبرية” تحت رقابة صارمة من قبل القوات المسلحة، حيث كان يقضي ساعات طويلة في التدريب منفردًا في ملعب طلائع الجيش، في مشهد مؤلم يعكس مدى الظلم الذي تعرض له هذا اللاعب الموهوب.
ورغم محاولاته للتواصل مع “دياب” لحل الأزمة، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل، ليجد نفسه وحيدًا في مواجهة “وحش البيروقراطية” الذي حطّم أحلامه ومستقبله.
“دياب” يُحاول تجميل صورته: تصريحات مُضللة وإنكار للحقيقة
لم يُكتفِ “دياب” بدور “السّمسار” الذي خدع رفعت بوعود واهية، بل تمادى أكثر عندما أدلى بتصريحات مُضللة للرأي العام، حاول من خلالها التنصل من مسؤوليته عن مأساة اللاعب الشاب، مدعيًا أن الأخير سافر إلى الإمارات بشكل قانوني وأن القانون لم يُطبق عليه بعد عودته.
والحقيقة أن أحمد رفعت سافر إلى نادي الوحدة الإماراتي بتصريح يقتضي المعايشة لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، في حين وقع دياب، الذي كان رئيسًا لنادي فيوتشر وقتها، عقد إعارة اللاعب للوحدة الإماراتي لمدة عام كامل، وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة المصرية.
والرد على التصريح الثاني المُضلّل ما قاله محمد رشوان، محامي أحمد رفعت، حيث أكد أن اللاعب سلّم نفسه للشرطة العسكرية فور عودته من الإمارات إلى مصر، ليدخل في تحقيقات مع النيابة العسكرية، وقد انتهت القضية بمعاقبة اللاعب بالحبس لمدة شهرين.
رحيل مُبهم وأسئلة محيرة: هل كانت يد “السلطة” وراء “موت” أحمد رفعت؟
رحل أحمد رفعت في ظروف غامضة، ولكن تبقى ملابساته تُثير الكثير من التساؤلات حول الدور الحقيقي لـ “دياب” والجهات الرياضية في تلك المأساة، خاصةً أن اللاعب الشاب كان قد ألمح بل وصرّح في أكثر من مرة إلى تعرضه لـ”ضغوط نفسية شديدة” من قبل “شخصيات نافذة” هي التي أدت إلى سقوطه على أرضية الملعب منذ أربعة أشهر وإصابته بنوبة قلبية كانت سببًا في رحيله المبكر.
فهل كانت وفاة رفعت مجرد حادث عرضي أم أنها نتيجة حتمية لما تعرض له من ظلم وخذلان على يد “تجار الوهم” من أصحاب النفوذ والسلطة؟