يسلط تقرير جديد، صادر عن “منظمة حقوق الطفل” هذا الاسبوع، الضوء على حياة أطفال عادوا مع امهاتهم الى السويد بعد ان لقي ابائهم حتفهم في القتال الى جانب تنظيم الدولة الإسلامية، داعش في سوريا، أو لا زالوا في مخيمات اعتقال تديرها قوات كردية في شمال شرق سوريا.
ومعظم هؤلاء الأطفال دون سن السابعة من العمر عاشوا مع امهاتهم في مخيمات الاعتقال لحين استقدام البعض منهم الى السويد.
أطفال أمام مفترق طرق
تقول رئيسة منظمة حقوق الطفل بياتريس إريكسون في التقرير الذي نشرته صحيفة “DN” ( المصدر): “إذا رأى شخص ما هؤلاء الأطفال في ساحة المدرسة بالسويد اليوم، فلن يكون من الممكن له ابداً التخمين ان هؤلاء هم أطفال من معسكرات الاعتقال”.
وتصادف وجود إريكسون في أربيل في ربيع عام 2019 بسبب دراستها، في الوقت نفسه كان باتريسيو غالفيز من يوتوبوري موجوداً أيضا في أربيل، حيث كان يكافح من اجل إعادة احفاده السبعة الايتام من سجن الهول.
كانت إريكسون في إجازة من وظيفتها في الخدمة الاجتماعية في مالمو وعرضت على غالفيز مساعدته في المهمة التي جاء من اجلها.
كانت اريكسون تعتني بالأطفال السبعة في غرفة فندق يحاصرها الصحفيون، حيث تتذكر اليوم ما حدث انذاك، وتقول: “كان الوضع فوضوي وإن تجربة لقاء الأطفال غيرت حياتها”.
عندما نجحوا في جلب الأطفال الى السويد، بدأوا يفكرون في جميع الأطفال الآخرين الذين بقوا في المخيمات، كانت هذه بداية منظمة حقوق الطفل لـ “إعادة الأطفال”، حيث عملت منذ ذلك الحين على تسليط الضوء على قضية الأطفال السويديين في المخيمات، الذين ينتمون الى اب أو ام او كلاهما سويديان ( القصد يحملان الجنسية السويدية).
ويشكل الأطفال نحو 60 بالمائة من الأشخاص الموجودين في مخيمات الاعتقال، يعيش معظمهم هناك منذ آذار/ مارس 2019 بعد سقوط تنظيم داعش، و80 بالمائة من أطفال تلك المخيمات هم دون سن 12 عاماً.
قصص نساء
تركز إريكسون في التقرير على كيفية سير الأمور والحياة اليومية للأطفال بعد وصولهم الى السويد، ويستند التقرير على قصص ثمانية من النساء الـ 12 اللواتي تمت اعادتهن الى السويد خلال العامين الماضيين والى الوثائق القانونية وسجلات الخدمات الاجتماعية ( السوسيال) المتعلقة بالأطفال.
وأفادت صحيفة “داغنز نيهيتر” في حينها انه تمت رعاية جميع الأطفال وفقاً لقانون LVU، الذي يخص الأطفال القاصرين المعرضين للخطر واهتمام مؤسسات الدولة بهم.
ويظهر التقرير ان ما حدث منذ ذلك الحين اختلف من حالة لأخرى، إذ تمكن البعض من لم شملهم مع امهاتهم بعد بضعة أسابيع، واضطر البعض الآخر الى الانتظار أشهر وحتى نصف العام.
وفي حالتين لا يزال الأطفال والامهات منفصلين عن بعضهما الاخر حتى الآن.
تفاعل سلبي
ويتحدث التقرير عن امثلة عدة لأطفال تفاعلوا بشكل سلبي مع انفصالهم عن امهاتهم، وتفيد معلومات في سجلات الخدمات الاجتماعية ( السوسيال) كيف ان هناك أطفال يجلسون عند عتبة الباب وينتظرون قدوم والدتهم لاصطحابهم.
تقول إريكسون: بالنسبة للأطفال، فأن القدوم الى السويد يُعد تغيراً كبيراً. معظم الأطفال تحت سن السابعة ونشأوا في مخيمات. كل شيء جديد عليهم، لم يناموا في سرير ولم يكن لديهم مياه جارية. الجلوس في سيارة يعد امراً جديداً عليهم والبعض منهم يًصاب بغثيان كبير بسبب ذلك، ومع مثل هذه التغييرات يحتاج الأطفال الى الامن والاستقرار والى شخص ينتمون اليه.
هناك حالات، وُضع فيها الأطفال في منازل HVB-hem مع امهاتهم، الامر الذي تصفه إريكسون بالإيجابي.
وتقول: “بهذه الطريقة، تخلق الخدمات الاجتماعية ( السوسيال) ظروفاً جيدة للتحقق من قدرة الأم على تربية الأبناء واتخاذ القرارات بناءً على المصلحة الفضلى للطفل. حيث يتواجد موظفو الخدمات الاجتماعية ( السوسيال) على مدار الساعة ويمكنهم التعرف على الأسرة بشكل جيد ومعرفة ما تعلمه الأم للطفل وكيف يتحدثون ويتفاعلون”.
معاقبة أولياء الأمور
ويسلط التقرير الضوء أيضا على مثال، تعاونت فيه البلدية مع أقارب المرأة قبل وصولها. وتم وضع الأطفال في البداية في منزل جدتهم بينما تم استجواب المرأة من قبل الشرطة، وبعد يوم تمكنت هي أيضاً من الانضمام إليهم.
وتعلق، قائلة “في هذه الحالة، لاحظنا ان تعافي الأطفال كان سريعاً وسلساً وانهم كانوا قادرين على بدء مرحلة الروضة والمدرسة بعد العودة الى المنزل، وهو امر مهم لإدماج الأطفال”.
وقالت المدعية العامة رينا ديفغون في مقابلة مع صحيفة “داغنز نيهيتر”، ان أولياء الأمور الذين يأخذون أطفالهم الى مناطق الحرب يجب ان يُعاقبوا. حيث قامت المدعية بمقاضاة العديد من السويديين الذين انضموا الى داعش في سوريا، وتعتقد ان مثل هذا القانون كان من شأنه ان يردع البعض عن السفر.
تقول ديفغون للصحيفة: لا يُسمح للأطفال في تلك المناطق بالذهاب الى المدرسة، ولا تُضمن لهم رعاية صحية آمنة، وليس فقط انهم يتأثرون بشكل مباشر بالعنف والحرب، بل يُجبرون ايضاً على مشاهدتها.
وتوافق إريكسون على رأي ديفغون وتؤكد ايضاً على أهمية الجهود الاجتماعية لمنع مثل هذه الرحلات، ومع ذلك فأن الأطفال الموصوفين في التقرير وُلدوا في سوريا، وعندما سُئلت إريكسون عن راي الأمهات العائدات من تنظيم داعش اليوم، أجابت، قائلة: “ليست مؤهلة لإجراء مثل هذا التقييم، لكن في اتصالي بالنساء، لم أر أي علامات تطرف، لقد نأى الجميع بأنفسهم عن داعش ويقولون انهم أرادوا العودة الى السويد منذ فترة طويلة وانهم يريدون البدء من جديد”.
ومع الاقتراب من نهاية العام الحالي 2022، فأن الأمهات والأطفال القادمات من مخيمات داعش موجودات في السويد بين 7-15 شهراً. ووفقاً للتقرير، بدأت النساء الثمانية اللواتي استند عليهم التقرير بالعمل او الدراسة، فيما يذهب اطفالهن الى الروضة او المدرسة ويشاركون في الأنظمة الاجتماعية.
تقول إريكسون: “أتمنى ان اعرض هؤلاء الأطفال للعالم كله لإظهار ان الإعادة الناجحة الى الوطن ضرورية وممكنة. إذا رأى شخص ما الأطفال في باحة المدرسة لن يصدقوا انهم هم انفسهم أطفال معسكرات الاعتقال.