SWED24: كتبت الكاتبة السويدية، إيما بوفين، مقال رأي في صحيفة “داغنز نيهيتر” بعددها الصادر، اليوم الثلاثاء، ركزت فيه على المملكة العربية السعودية، وكيف باتت مركزاً هاماً لحل المعضلات الدولية المتأزمة.
وكتبت بوفين، قائلة: بينما تستعد الولايات المتحدة وروسيا للتفاوض بشأن مستقبل أوكرانيا، ينتظر العالم أيضاً حسم مصير غزة. والمفارقة أن كلا الملفين سيتم البت فيهما في مكان واحد، وهو المملكة العربية السعودية.
وتسائلت الكاتبة في المقال: “لكن كيف انتهى الأمر بجميع هذه القضايا الدولية المعقدة بين يدي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان”؟
المملكة العربية السعودية تُحكم وفق الكاتبة بقبضة من حديد من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان،. ورغم أن والده الملك سلمان لا يزال رسمياً على رأس الدولة، فإن السلطة الفعلية تتركز بيد ولي العهد الشاب، الذي سيكمل عامه الأربعين هذا الصيف.
لطالما كان ولي العهد رمزاً للابتسامة الدائمة في الصور التي يظهر فيها، سواء كان يحيي رؤساء دول، أو يواجه اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان، أو حتى يتلقى انتقادات بسبب عمليات اغتيال المعارضين. دائماً ما يظهر بنفس الملامح: هادئ، واثق، ومبتسم.
ولي العهد السعودي.. وسيط في حروب العالم
يصعب تصنيف ولي العهد على أي خريطة سياسية واضحة، إذ تربطه علاقة وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما كان من أوائل الذين استضافوا الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عند توليه منصبه لأول مرة، حيث شارك في رقصة السيف التقليدية في الرياض.
ورغم أن السعودية لم تعلن يوماً تأييدها الصريح للحرب الروسية على أوكرانيا، فإنها لم تتخذ موقفاً حاداً ضدها أيضاً، بل سارت على خيط رفيع من التوازن، ويبدو أن هذه الاستراتيجية تؤتي ثمارها اليوم.
ولي العهد لا يريد فقط أن تستضيف بلاده أول لقاء حقيقي بين روسيا وأمريكا حول أوكرانيا، بل يسعى إلى أن تكون السعودية الوسيط الفعلي في هذا النزاع.
والرياح تسير في صالحه الآن، فبالنسبة له، الأهم ليس استقلال الدول بحد ذاته، بل حق الأنظمة الاستبدادية في الحكم دون تدخل خارجي.
لطالما كان بوتين شريكاً في هذه الرؤية، والآن، مع عودة ترامب إلى المشهد، يمكن أن يتشكل تحالف ثلاثي جديد، يُعيد ترتيب مناطق النفوذ العالمية بما يخدم مصالحهم المشتركة.
غزة.. العقبة الكبرى أمام التحالف الثلاثي
لكن قبل أن تتبلور هذه التحالفات، هناك عقبة كبيرة: وهي غزة.
قد يكون ترامب قد أخطأ في تقدير أهمية تقديم حل سياسي للفلسطينيين، إذ أن تصوره عن ضم القطاع بالكامل وتهجير سكانه لا يتماشى مع مصالح محمد بن سلمان.
ولي العهد السعودي يضع خطوطاً حمراء، وإعادة تهجير الفلسطينيين قد تزعزع استقرار المنطقة بالكامل، مما قد يُربك حساباته الخاصة.
الأمر ازداد تعقيداً بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة، والتي اقترح فيها أن تقوم السعودية ببناء منطقة للفلسطينيين على أراضيها الواسعة، وهو ما ردت عليه الخارجية السعودية بوصفه “تفكيراً استعمارياً متطرفاً يفتقد لأي سياق تاريخي أو ثقافي”.
المهمة المستحيلة: حل الأزمتين في وقت واحد
في ظل هذه التوترات، يتوجه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى السعودية، حيث ينتظره تحدٍ كبير يتمثل في محاولة “إيجاد حل” لغزة.
وفي الوقت نفسه، سيبدأ بوتين وترامب مفاوضاتهما حول ما أسمياه “خطة سلام”، وهي خطة لم تطّلع عليها أوكرانيا ولا تعترف بها.
كيف ستنتهي هذه التحركات؟ لا أحد يعرف حتى الآن.
لكن هناك أمرًا واحدًا مؤكدًا: ولي العهد السعودي سيستمر في الظهور في الصور بنفس الابتسامة المعتادة، حتى وهو يعيد رسم خريطة العالم من قلب الرياض.