SWED24: في واحدة من أبشع الجرائم التي هزّت السويد خلال السنوات الأخيرة، يستعد القضاء السويدي لمحاكمة 18 شخصاً بتهم تتعلق بمقتل الطفلين ليث ومحمد (14 عاماً)، اللذين عُثر على جثتيهما في غابات منفصلة خلال صيف عام 2023.
وتعد هذه الجريمة نقطة تحول في ملف الجريمة المنظمة بالسويد، حيث كشفت التحقيقات عن استغلال العصابات الإجرامية للأطفال والمراهقين في عملياتها، مما زاد من حالة القلق العام بشأن انتشار العنف المنظم.
كان ليث ومحمد يعيشان في دور رعاية اجتماعية في منطقة نيشوبينغ، حيث كان محمد يقيم في دار رعاية HVB، بينما كان ليث في دار رعاية عائلية. في صيف 2023، اختفى كلاهما في توقيت متقارب، ليُعثر لاحقاً على جثتيهما في غابات منعزلة خارج ستوكهولم.
وفقًا للتحقيقات، تم استدراج الطفلين من قبل شبكة “فوكس تروت” الإجرامية، حيث تم تجنيدهما لتنفيذ عمليات قتل ضد عصابة منافسة تُعرف باسم “دالين”، لكن هذه العمليات لم تُنفذ في النهاية.
ويُعتقد أن الدافع وراء مقتلهما كان الاشتباه في فقدانهما لقطعتين من الأسلحة النارية الخاصة بالشبكة، مما جعلهما هدفاً للتصفية الداخلية.
محمد، الذي كان يقيم في دار رعاية، زار أسرته في ناشّو بمقاطعة سمولاند قبل اختفائه بفترة وجيزة، لكنه لم يعد أبداً إلى مركز الإيواء. ووفقاً لشهادة الادعاء، فقد ذهب إلى شقة في ستوكهولم بدلاً من ذلك، حيث خضع لاستجواب قسري لساعات حول المسدسات المفقودة، قبل أن يتم اختطافه ونقله إلى غابة في Nynäshamn، حيث تعرض لعنف وحشي أدى إلى مقتله.
بعد أسابيع من العثور على جثة محمد، تم اكتشاف جثة ليث في غابة أخرى شمال غرب ستوكهولم، حيث تشير الأدلة إلى أنه احتُجز في ظروف مشابهة لمحمد قبل أن يتم تصفيته بنفس الطريقة.
لائحة اتهام واسعة ومحاكمة معقدة
وجه الادعاء العام اتهامات رسمية إلى 18 شخصاً، تتعلق بجرائم القتل، التحريض على القتل، المساعدة في القتل، الاختطاف، انتهاك حرمة الجثث، الإعداد لارتكاب جريمة قتل، التآمر للقتل، والمساعدة في التحضير لجريمة قتل.
وقال المدعية العامة وقائدة التحقيق، هانا كارديل: “كل الجرائم المرتبطة بهذه القضية يمكن ربطها بشبكة فوكس تروت الإجرامية. نعتقد أن الطفلين قُتلا بعد اتهامهما بفقدان مسدسات تعود للشبكة، لكن الدافع لم يُثبت بشكل نهائي بعد”.
ووفقاً للتحقيقات، فإن اثنين من المتهمين في الثلاثينيات من العمر متورطان في كلتا الجريمتين، حيث يُعتقد أن أحدهما كان المنفذ المباشر، بينما كان الآخر مسؤولاً عن التخطيط وإعطاء الأوامر من خارج السويد.
ومن بين المتهمين، ثمانية قيد الحجز الاحتياطي، فيما تم توجيه ما يُعرف بـ “دعوى إثبات” ضد ثلاثة متهمين قُصّر، نظرًا لكونهم دون السن القانونية عند وقوع الجرائم، مما يمنع محاكمتهم جنائيًا.
عصابات منظمة تستغل الأطفال
تعد هذه الجريمة أحد الأمثلة الصارخة على استغلال العصابات الإجرامية للأطفال والمراهقين، حيث كشفت التحقيقات أن العصابات تستخدم المراهقين لتنفيذ عمليات القتل، وتهديدهم في حال فشلهم بتنفيذ الأوامر.
ويشير الخبراء إلى أن العصابات تستهدف بشكل خاص الشباب الذين يعيشون في دور الرعاية الاجتماعية أو من لديهم خلفيات أسرية هشة، حيث يكونون أكثر عرضة للاستدراج والابتزاز.
يقول المحققون إن هذه الحادثة تظهر تحولاً خطيراً في أساليب عمل العصابات، حيث لم يعد استخدام الأطفال مقتصراً على الأدوار الثانوية مثل توصيل المخدرات أو مراقبة الأهداف، بل امتد ليشمل تنفيذ عمليات قتل بدم بارد.
محاكمة استثنائية تبدأ في مارس
من المقرر أن تبدأ المحاكمة في 4 آذار/ مارس 2024، ومن المتوقع أن تكون واحدة من أطول المحاكمات وأكثرها تعقيدًا في تاريخ الجريمة المنظمة في السويد، حيث ستمتد لمدة 37 يوماً.
أثارت هذه القضية موجة من الصدمة والجدل في السويد، حيث يتساءل الرأي العام حول مدى قدرة السلطات على احتواء انتشار العصابات، وما إذا كانت تدابير حماية الأطفال والمراهقين كافية لمنع استغلالهم من قبل الجماعات الإجرامية.
ويبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن هذه المحاكمة من تحقيق العدالة لليث ومحمد، أم أنها ستكون مجرد حلقة جديدة في مسلسل العنف المستمر داخل السويد؟