لا يزال ملف اللاجئين السوريين يشكّل أزمةً إنسانية عالقة، وبينما تتجه أنظار العالم نحو صور الفزع من المناطق المنكوبة، يعيش ملايين السوريين في مُخيمات اللجوء والمنافي الاضطرارية معاناةً مُضاعفة، لا تقلّ قسوةً عن ويلات الحرب ذاتها.
في تركيا، والتي شهدت أكبر موجة نزوح للسوريين الفارين من أتون الصراع، تتزايد مخاوف اللاجئين من مستقبلٍ غامض، في ظلّ تصاعد خطاب الكراهية وتشديد الإجراءات الحكومية ضدّهم.
“ظننتها يوماً عادياً”.. حكاية حافظ مع الترحيل القسري:
يروي الشاب السوري حافظ أ (24 عاماً) قصّته المُفجعة مع الترحيل، والتي بدأت بِمُصادفةٍ عابرة أثناء ذهابه إلى عمله في إحدى مطاعم إسطنبول. لم يكن يعلم حافظ حينها أن تأخره في تجديد إقامته لِبضعة أيامٍ سيُغيّر مجرى حياته رأساً على عقب.
اعتقلته السلطات التركية، وبعد أيامٍ قليلة، وجد نفسه على أرضٍ لم يَطأها منذ سنوات، أرض بلاده التي هاجر منها هرباً من التجنيد الإجباري، ليبدأ رحلته من جديد كـ “لاجئ” في داخل وطنه!
تركيا ملاذ آمن، أم وهم يتبدد يوماً بعد يوم؟!
على الرغم من استضافة تركيا لِملايين اللاجئين السوريين على مرّ السنوات الماضية، إلا أن سياسة “الباب المفتوح” التي انتهجتها الحكومة التركية في البداية أصبحت اليوم أكثر تضييقاً، تحت ضغط من تزايد الضغوطات الاقتصادية وانتشار خطابات التمييز والكراهية ضدّ اللاجئين.
تُشير التقارير الحقوقية إلى ارتفاع مُقلق في حالات الترحيل القسري للسوريين من تركيا، في ظل غياب أي ضمانات حقيقية لِحقوقهم أو سلامتهم. وتُرغم السلطات التركية العديد من اللاجئين على التوقيع على أوراق “العودة الطوعية”، ما يُعرّضهم لِمخاطر كبيرة عند عودتهم إلى مناطق لاتزال تشهد صراعات وتوترات أمنية.
“مناطق آمنة”.. هل هي الحل أم مجرد وهم جديد؟
في محاولة منها لِاحتواء الأزمة، أعلنت الحكومة التركية عن إنشاء ما يُسمى بـ “المناطق الآمنة” في شمال سوريا، والتي تهدف إلى إعادة توطين اللاجئين وتوفير الحماية والأمن لهم.
لكن على أرض الواقع، تبقى هذه المناطق بعيدة كلّ البعد عن توفير البيئة المُناسبة لِحياة كريمة، في ظلّ تردّي الأوضاع الأمنية وانتشار الفقر وقلّة الخدمات الأساسية.
مستقبل مجهول:
يبقى مصير ملايين اللاجئين السوريين في تركيا مُعلّقاً بين طموح البقاء وبناء حياة جديدة، وخوف الترحيل إلى مجهولٍ لا يرحم. إنّها مأساةٌ إنسانية تستدعي تحرّكاً دولياً عاجلاً لِإيجاد حلولٍ عادلة وضمان حقوق اللاجئين وحمايتهم.
المصدر: DW