كتب موقع “السويد” الرسمي التابع للمعهد السويدي عن عيد لوسيّا يقول إن تاريخ 13 ديسمبر من كل عام هو يوم احتفال السويد بعيد لوسيا الذي ينشر الدفئ في برد الشتاء وينير عتمة سمائه
ويُحيي السويديون ذكرى القديسة لوسيا بعدة طرق، ففي حين يفضل البعض الاستلقاء وراء الشاشات ومشاهدة الإحتفالات على شاشات التلفاز، يقوم البعض الآخر وخاصة الأهالي بزيارة المدارس ورياض الأطفال لمشاهدة العروض الغنائية بأصوات أطفالهم وتوثيق هذه اللحظات الجميلة.
وتعود أصول الاحتفال بهذا العيد إلى بدايات عام 1900 ميلادي، ويمثل خليطاً من العادات والفلكلور والأساطير والتي سنسردها لكم في هذه المقالة.
من أقصى جنوب أوروبا إلى شمالها
طبقاً للتقويم الرومي (اليولياني) القديم الذي كان الذي كان معتمداً في السويد حتى عام 1753 كان 13 ديسمبر/كانون الأول يعتبر أكثر يوم مظلم في السنة. لكن في الحقيقة فإن الإنقلاب الشتوي يحدث في 22 ديسمبر/كانون الأول أما التقويم القديم فكان يحتوي على أخطاء ساهمت بتحديد موعد العيد ثابتاً في الثالث عشر من ديسمبر، واستمر الاحتفال به في نفس اليوم حتى وقتنا الحالي.
وكما في السويد وأجزاء من النرويج وفنلندا، تحتفل جزيرة صقلية الإيطالية مهد شخصية لوسيا بنسختها من القصة والتقاليد المتبعة من الاحتفال حيث يطلق عليها اسم شفيعة “سيراكوزا”، وهكذا انتقل الاحتفال من أقصى جنوب القارة الأوروبية إلى شمالها وأصبح هناك نوعين من الإحتفالات التقليدية بـ “لوسيا” حول العالم، واحد في صقلية والآخر في الشمال الأوروبي في السويد.
وجدير بالذكر أن أول مرة ذكر فيها يوم لوسيا في السويد كان في عام 1764 وتحديداً في مقاطعة خوفدة، وإلى ستوكهولم وسكانسن وصل الاحتفال عام 1893.
لوسيا..الشخصية والواقعة التاريخية
ولدت حوالي عام 283 للميلاد في مدينة سيراكوزا بجزيرة صقلية الإيطالية خلال العصر الروماني. حيث كان المسيحيون في الإمبراطورية الرومانية آنذاك، يتعرضون للاضطهاد الشديد. وبعد وفاة والدها وهي في سن السادسة من العمر وافقت والدتها على خطبتها من شاب وثني، لكن لوسيا بقيت تٌصر على فسخ الخطوبة حتى أقنعت والدتها، فما كان من الشاب إلا أن وشى بها لدى الحاكم بسكاسيوس، بعد أن باعت هي وأمها ممتلكاتهما وقدماها للفقراء بدافع إيمانهم المسيحي.
أرسل الحاكم الجند وقبض على لوسيا ووضعها في بيت الخطية، فأذاقها من صنوف العذاب أبشعه. ثم أمر بعد أن فقد الأمل من استمالة قلبها وجعلها محظية له أن توقد نار ضخمة وترمى بها. لكنها نجت – وفقاً للراوية – من النيران دون أي إصابة. فكان أن قتلها بالسيف في عام 304 للميلاد.
بين التقاليد الوثنية والشعائر الكنسية
في البداية تجدر الاشارة إلى أن القبائل الاسكندنافية كانت تحتفل بالانقلاب الشتوي في 13 من ديسمبر/كانون الأول بإشعال النيران الضخمة لإخافة الأرواح الشريرة ـ حسب اعتقادهم ـ ولتغيير حركة الشمس، وبعد انتقال تلك القبائل من الوثنية إلى المسيحية أُدرجت القديسة لوسيا على قائمة احتفالاتهم، وهو ما يقودنا إلى تفسير جمع الاحتفال بين التقاليد الوثنية والشعائر الكنسية.
و انتشرت في السويد الكثير من التخيلات والأساطير حول أطول ليلة في السنة باعتبارها خارقة للطبيعة، بل وشيطانية إلى حد بعيد، فكانت الإشارة على سبيل المثال إلى الشيطان باعتباره رأس قوى الظلام والشر تطغى على الحدث، بل وأجبر الكثير أنفسهم على البقاء متيقظين لأن واحدة من الخرافات أشارت إلى أن الذي يغط في نوم عميق في هذه الليلة سوف تحل عليه اللعنة و يتجمد.
واعتقدوا أيضاً أن الحيوانات كانت تتكلم خلال هذه الليلة، وجرت العادة على أن يتم الاحتفال بتناول كميات شراب وطعام أكثر من المعتاد. حتى الحيوانات الأليفة في المنازل كانت تحصل على طعام إضافي.
الاحتفال بشكله الحديث
بدأ الاحتفال بعيد القديسة لوسيا بشكله الحديث في السويد عام 1927 في استوكهولم عندما نظمت جريدة “ستوكهولم داغبلاد” أول حدث احتفالي. انتشر بعدها الاحتفال في جميع أنحاء البلاد من خلال المبادرات الصحفية المحلية، التي نظمت مسابقات لوسيا، للأصوات التي ستؤدي الشخصية في الاحتفالات العامة.
في البداية، كانت لوسيا تغني وحدها أو مع رفيق واحد أو اثنين من الجوقة التي تسير في “درب لوسيا”. وفي نهاية المطاف أصبحت الجوقة المرافقة تشارك جميعاً في الإنشاد.
ويوضع على رأس الفتاة التي تقوم بدور لوسيا، مجموعة من الشموع، وحول خصرها وشاح أحمر، وتحمل مرافقاتها شمعة واحدة أيضاً. ويلبس الأولاد رداءً أبيض اللون، ويحملون نجوماً، وعلى رؤوسهم قبعات مخروطية، والأطفال الصغار يحملون فوانيساً صغيرة.
من بين أغنيات لوسيا الأكثر شهرة وتقليدية: “سانتا لوسيا” وهي لحن شعبي صقيلي، كتب نصه السويدي سيجريد إيمبلاد، إضافة إلى مجموعة أخرى من الأغاني ذات الطابع التقليدي والكنائسي مثل: “الليل غني”، “ليلة هادئة”، “الوهج فوق البحيرة والشاطئ”، “أضاءت ألف نور في عيد الميلاد”، “مساء الخير، مساء الخير”.
ويشمل الاحتفال السنوي بطابعه العام في المدارس والحضانات ودور رعاية المسنين على تقديم كعك “لوسي بولر” المصنوع من الزبدة والحليب والبيض والزعفران، مع الشاي أو القهوة بالإضافة إلى شراب “الجلوج” المميز المكون من النبيذ الدافئ مضاف إليه خليطًا من القرفة والهيل والزنجبيل والتوابل، كما يوجد منه أنواع خالية من الكحول.
تُعتبر لوسيا واحدة من أهم الاحتفالات في السويد التي لا يجب عليك تفويته، فسواء كان هذا العيد أجنبي الأصل أم سويدياً، فإن السويديين لا يفوتون فُرصة للاحتفال به والاستمتاع بأداء طقوسه كباراً وصغاراً.