في ظل تزايد المنافسة بين الأحزاب المتنافسة في انتخابات البرلمان الأوروبي، بات من الضروري تعزيز مشاركة جميع الفئات المجتمعية، وخصوصاً المهاجرين، في العملية الديمقراطية.
المهاجرون، الذين يمثلون جزءاً لا يتجزأ من نسيج المجتمع الأوروبي، يحملون مفتاحاً هاماً للحفاظ على التوازن الديمقراطي ومواجهة الأفكار المتطرفة التي بدأت تتغلغل في السياسة الأوروبية.
تعزيز التنوع والتسامح
المهاجرون بخلفياتهم المتنوعة يعززون قيم التسامح والتنوع، وهما عنصران حيويان لأي ديمقراطية ناجحة. من خلال المشاركة في الانتخابات، يساهم المهاجرون في بناء مجتمعات أكثر انفتاحاً وتقبلاً للآخر، مما يخلق بيئة معادية للأفكار اليمينية المتطرفة التي تعتمد غالباً على التعصب والإقصاء.
مواجهة الشعبوية
الأحزاب اليمينية المتطرفة تستغل القضايا الاقتصادية والاجتماعية لترويج رؤاها الشعبوية. مشاركة المهاجرين في الانتخابات تمكنهم من دعم السياسات والمرشحين الذين يقدمون حلولاً واقعية وعملية لهذه التحديات بدلاً من الاعتماد على الخطابات الفارغة التي تعزز الانقسام.
التأثير على السياسات المستقبلية
من خلال التصويت، يمكن للمهاجرين التأثير مباشرة في القرارات السياسية التي تؤثر على حياتهم، بما في ذلك قوانين الهجرة، سياسات الاندماج، والخدمات العامة. هذه القوانين والسياسات، عندما تُصاغ بشكل يعكس مصالح المهاجرين، تسهم في إيجاد مجتمع أكثر استقراراً وأماناً.
تحدي التوجهات السلبية
وجود صوت نشط للمهاجرين في الانتخابات يساعد في مواجهة النرجسية القومية والخوف من الأجانب، اللذان يمكن أن يكونا محركين رئيسيين لليمين المتطرف. المشاركة الفعالة تقلل من الفجوات والتصورات المغلوطة التي يمكن أن تؤدي إلى العزلة والتهميش.
الاستفادة من الديمقراطية
الديمقراطية تتطلب مشاركة فعالة من جميع الفئات السكانية لضمان التمثيل الشامل. مشاركة المهاجرين تعزز هذا المبدأ، مما يعمل على دعم نظام يحترم حقوق جميع الأفراد ويحميها.
ماذا يتوقع الخبراء؟
توقعات الخبراء بشأن اليمين المتطرف في أوروبا وتصاعده تعتمد على تحليل عوامل متعددة تؤثر على السياسة الأوروبية. هناك عدة عوامل رئيسية تلعب دوراً في تقوية أو إضعاف الحركات اليمينية المتطرفة، وهي تشمل:
1.التوترات الاجتماعية والاقتصادية: يُعتقد أن الأزمات الاقتصادية، مثل البطالة العالية وانخفاض مستويات المعيشة، بالإضافة إلى التوترات الاجتماعية مثل الهجرة والتغيرات الديموغرافية، توفر أرضية خصبة لنمو اليمين المتطرف الذي يقدم نفسه كبديل يقدم حلولاً بسيطة لهذه المشكلات.
2.السياسة الدولية والأمن: الأحداث الدولية، مثل الأزمات الإنسانية والحروب، بالإضافة إلى الهجمات الإرهابية، تعزز أحياناً الروايات اليمينية المتطرفة حول الأمن والهوية الوطنية.
3.ردود فعل الأحزاب التقليدية والاتحاد الأوروبي: قدرة الأحزاب السياسية التقليدية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي على معالجة المخاوف الاقتصادية والاجتماعية بفعالية يمكن أن تؤثر على مدى جاذبية الأحزاب اليمينية المتطرفة. فشل هذه الأحزاب في معالجة هذه القضايا قد يدفع الناخبين نحو البدائل المتطرفة.
4.المناخ الإعلامي والرقمي: الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية يعطي اليمين المتطرف منصات قوية لنشر أفكاره وجذب الأتباع، خصوصًا بين الشباب.
5.التعاون بين الأحزاب اليمينية المتطرفة: التعاون المتزايد بين الأحزاب اليمينية المتطرفة عبر الدول الأوروبية يمكن أن يعزز قدرتها على التأثير في السياسة الأوروبية على مستوى الاتحاد.
بناءً على هذه العوامل، يتوقع الخبراء بشكل عام أن تظل الأحزاب اليمينية المتطرفة فاعلة في الساحة السياسية الأوروبية، خاصة إذا استمرت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ولم تعالج بشكل فعال من قبل الأحزاب التقليدية والمؤسسات الأوروبية.
قد تكون الأحزاب اليمينية المتطرفة بحاجة إلى إعادة النظر في استراتيجياتها إذا أدرك المزيد من المهاجرين حقوقهم الانتخابية واستخدموها بفعالية.
المشاركة الواسعة للمهاجرين في الانتخابات قد تجعل من اليمين المتطرف مجرد ذكرى بعيدة في كتب التاريخ السياسي الأوروبي، حيث ستكون فصولها مزينة بالتواريخ التي تحتفي بانتصارات الديمقراطية والتنوع بدلاً من الخوف والانقسام. فلنتذكر، اليمين المتطرف يمكن أن يُهزم في صناديق الاقتراع، وذلك بفضل القوة العظيمة للتصويت التي قد تبدو بسيطة ولكنها تحمل وقع الزلازل في تشكيل المستقبل.
لينا سياوش
مقالات الرأي تعبر عن كتابها وليس بالضرورة عن SWED 24