لا تُخفي أمواج البحر البالياري، بقوّتها الهائلة، حجم الأزمة التي تُخيم على جزيرة مايوركا الإسبانية. فرغم جمال شواطئها وسحر طبيعتها، باتت الجزيرة مسرحاً لصراع بين سياحة مُفرطة وغضب شعبي متصاعد.
فبينما ينعم السُيّاح بأوقاتٍ من الراحة والاستجمام، يجد السكان المحليّون أنفسهم يُصارعون من أجل الحفاظ على أسلوب حياتهم وهويّتهم.
فقد تحوّلت مهمّة العثور على موطئ قدمٍ على الشواطئ المزدحمة إلى مُهمّةٍ شبه مستحيلة، تمامًا كشراء أو استئجار مسكنٍ بأسعارٍ معقولة، مع إقبال السُيّاح المتزايد على شراء العقارات بأسعارٍ فلكيّة.
سونيا، أم لطفلٍ صغير، تجسّد معاناة العديد من سكان مايوركا. فهي على وشكِ فقدان منزلها بعد أن عجزت عن مواكبة ارتفاع الإيجارات، وتقول وهي تُشارك في مظاهرةٍ احتجاجية: “أبحث بشكلٍ يوميّ عن مسكنٍ جديد، لكن دون جدوى. الأسعار ترتفع بلا هوادة، وأخشى أن أجد نفسي أنا وابني في الشارع.”
ولا تقتصر المشكلة على أزمة السّكن، فالتغيّر طال حتى وجه الجزيرة وثقافتها. فقد استُبدلت المحلات التقليدية بأخرى تستهدف السّياح ذوي الدخل المرتفع، ممّا أثار مخاوف من فقدان الجزيرة لهويّتها وثقافتها التقليدية.
ويُحذّر بير خوان، الناشط في حركة “سياحة أقل، حياة أكثر”: “لقد بدأنا نفقِد ما يميّزنا، فمايوركا تُصبِح نسخةً بلا طعم من الوجهات السياحية العالمية.”
ويُشير خوان إلى أنّ توافد أكثر من 12 ألف سائحٍ يوميًّا على متن السفن يُشكّل ضغطًا هائلاً على البنية التحتية لمايوركا ويستنزف مواردها المحدودة. ويُطالب بـ “وضع حدٍّ أقصى لعدد السُيّاح” للحفاظ على بيئة الجزيرة وطابعها الفريد.
وتُمثّل احتجاجات مايوركا جزءًا من موجة غضب عَارمة تجتاح مُدنًا سياحيةً أخرى في إسبانيا، من برشلونة إلى مالقة وجزر الكناري، حيث يُطالب السكان بإيجاد حلولٍ للسياحة المُفرِطة التي تُهدّد بِطمس هويّتهم وتحويل مدنهم إلى مُجرّد منتجعات للسُيّاح.
المصدر: BBC