في عصرنا الرقمي، حيث تتدفق المعلومات كفيضان جارف، يجد الكثيرون أنفسهم غارقين في بحر من التشتت، عاجزين عن التركيز أمام سيل الإشعارات والإغراءات الرقمية. فكيف السبيل إذن إلى ترويض هذا الوحش التكنولوجي واستعادة زمام حياتنا؟
يجيب الخبير في علم النفس السلوكي، نير إيال، عن هذا السؤال عبر وضع أربعة مبادئ رئيسية للسيطرة على حياتنا في عصر الوفرة الرقمية، والتي لخّصها ليصبح الإنسان “غير قابل للتشتت”.
أولاً: العدو ليس التكنولوجيا، بل داخلنا:
يُشدد إيال على أنّ أسباب تشتتنا لا تكمن في التكنولوجيا نفسها، بل في “محفزات داخلية” تدفعنا إلى الهروب من مشاعر سلبية كالملل أو التوتر أو الخوف. فلن ننجح في التحكم بحياتنا إلاّ عندما نُدرك هذه المحفّزات ونُواجهها بشكل مباشر.
ثانياً: “التقويم الزمني” … بوصلة إنتاجيتك:
يُحذّر إيال من الاعتماد الكلي على قوائم المهام، والتي قد تتحوّل إلى مصدر إضافي للتشتت بدلاً من أن تكون أداة للإنتاجية. ويدعو إلى اعتماد “التقويم الزمني” الذي يُحدد فترات زمنية محدّدة لكلّ مهمّة، مما يُتيح للشخص التحكّم في وقته بشكل أكبر و يُجنّبه “ضغط المهام” المُرهِق.
ثالثاً: اختراق “خوارزميات الإلهاء”:
لا يُنكر إيال أهمية التكنولوجيا ودورها في حياتنا، لكّنه يُذكّرنا بأنّ هذه التكنولوجيا قد تتحوّل إلى أداة للإلهاء إن لم نُحسِن استخدامها. ولذلك، يُقدّم عدّة نصائح للتقليل من التأثير السلبي للتكنولوجيا، منها: تحديد وقت مُحدّد لاستخدام الهواتف، إلغاء تنشيط الإشعارات غير الضرورية، وحذف التطبيقات التي تُشتّت الانتباه.
رابعاً: قوّة “العقد المُبرم مع النفس”:
يؤمن إيال بأنّ الالتزام هو أحد أهم مفاتيح النجاح في عصر التشتت. ويُوصي بـ “عقد اتفاق” مع النفس أو مع شخص آخر للالتزام بجدول زمني مُحدّد للإنتاجية و الحدّ من المماطلة.
يُذكّرنا إيال بأنّ التحكّم في حياتنا في عصر التكنولوجيا ليس بالمهمّة المستحيلة، وإنّما تتطلّب منّا وعياً بمصادر تشتّتنا وقدرةً على وضع حدود واضحة لاستخدام التكنولوجيا، مع التركيز على أهدافنا وطموحاتنا الحقيقية.
المصدر: CNBC