حسب موقع “الإنسانية والعلوم” الناطق باللغة السويدية، فإن ثقافة العرب والمسلمين كان لها التأثير الكبير في تكوين المجتمعات الغربية ودعمها في اجتياز الظلام المخيم عليها في القرون الوسطى.
ولمعرفة مدى هذا التأثير، يمكن اقتفاء أثر الكلمات العربية في مختلف اللغات الأوروبية، ومنها اللغة السويدية، وهي إحدى اللغات التي تصنف ضمن اللغات الجرمانية الشمالية، ويتحدث فيها نحو أكثر من 10 ملايين نسمة، وهي تشبه إلى حد بعيد اللغة النرويجية، ثم تتقارب مع الدنماركية، وبشكل أقل مع الايسلندية، حيث انحدرت جميعها من اللغة الإسكندنافية القديمة، لغة الشعوب المنحدرة من الفايكنغ.
لا توجد دراسات كثيرة باللغة السويدية حول تأثرها بالعربية، ولكن ما توفر من مقالات متناثرة موثقة تؤكد جميعها أن العربية فتحت طريقها إلى اللغات الإسكندنافية بشكل عام والسويدية بشكل خاص بشكل مباشر وغير مباشر في القرن الخامس عشر.
وعندما فتح العرب الأندلس بدأت المفردات العربية تتسرب برفقة العلوم والأطعمة والألبسة والأدوية إلى لغات أوروبا الجنوبية من قبيل الإسبانية والإيطالية والفرنسية، ولاحقا إلى الألمانية في الشمال وعلى مر العصور، ونقلت هذه اللغات ما استعارته من العربية إلى اللغات الأخرى ومنها السويدية.
وهكذا استمرت رحلة الكلمات العربية بالمئات منذ حوالي 1500 إلى 1900 نحو وجهتها السويدية عبر محطات لاتينية وإسبانية وإيطالية وألمانية وفرنسية وحتى تركية.
ولعبت اللغة الألمانية دورا بارزا في عملية النقل إلى اللغات الإسكندنافية ومنها السويدية بسبب القرابة، حيث حوالي 50% من الكلمات العربية في هذه اللغات كانت الألمانية محطتها قبل الأخيرة.
أما الرحلة المباشرة لكلمات لغة الضاد إلى لغة الشعب الأشقر وبدون ترانزيت فتمت تزامنا مع أول تواجد عربي ومسلم على أرض السويد في 1900 لتترك تأثيرها على السويدية.
ومن خلال نظرة إجمالية يمكن ملاحظة الكلمات العربية في مجالات عدة تتعلق بالدين الإسلامي والكيمياء والطب والأقمشة والملابس والزرع والورود والطعام والاقتصاد والبناء والعلوم.
السفير بن فضلان أول عربي يلتقي السويديين
ولم يرتبط العرب بالسويد فقط من خلال رحلة الكلمات ولكن من خلال رحلة البشر أيضا رغم أنه لا يمكن تحديد أول اتصال بين العرب والسويديين أو بالأحرى بأجدادهم الفايكنغ إلا أن هناك روايتين غامضتين نوعا ما تتحدثان عن التقاء الشعبين.
الأولى لأحمد بن العباس بن راشد بن حماد البغدادي المعروف باسم أحمد بن فضلان البغدادي، وهو عالم إسلامي من القرن العاشر الميلادي، كتب وصفا لرحلته كعضو في سفارة الخليفة العباسي المقتدر بالله إلى ملك الصقالبة (بلغار الفولجا) سنة 921م، وقام من هناك برحلة غامضة محطاتها التي اقترب في البعض منها أرض إسكندنافيا والتقى بالفايكنغ وأصبحت تلك الرحلة ملهمة لقصة “مغامرات سفير عربي” في إسكندينافيا منذ ألف عام، وهو عنوان كتاب صادر عن مكتبة العبيكان، من تعريب أحمد عبد السلام البقالي.
مقال سابق لفاروق الدباغ
اعتمد الكاتب على رسالة “ابن فضلان” لكاتبها “سامي الدهان”، و”أكلة الموتى” لـ”مايكل كريتون” كتبها في 1976 وتم تحويل الرواية إلى فيلم بعنوان “المحارب الثالث عشر”، من إخراج “جون مكتيرنان” وقام الممثل المعروف أنتونيو بانديراس بدور أحمد بن فضلان عندما يقع في الأسر على يد الفايكنغ، ويتم اختياره ليصبح أحد أفراد المجموعة التي تدخل في معارك مع نصفي الوحوش أو الوندل (wendol) وهم مجموعة من البشر البدائيين.
الرواية السينمائية غير ملتزمة بتفاصيل الأحداث كما وقعت بقدر ما هي سرد من الخيال يمتزج بوقائع حقيقية تنقلها مخطوطة ابن فضلان عن رحلته، إلا أنها تعكس شيئا من اتصال أول عربي بأجداد السويديين.
السويدي اينغفار حارب العرب ولم يعد
في مطلع القرن الحادي عشر انضم مقاتل من الفايكنغ من السويد باسم “اينغفار المسافر بعيدا”، (Ingvar den vittfarne) إلى الروس في حروبهم ضد “سرقلند” باللغة السويدية “Särkland” وهو الاسم الذي كان يطلق على الخلافة العربية العباسية، وهذا الاسم يذكر مرارا في المصادر النوردية القديمة (اسكاندينافيا)، مثل الملاحم والأحجار الرونية المتبقية من القرن العاشر ،وعلى الرغم من أن البعض يربط الاسم بـ”serkr” أي الثوب الفضفاض والعباءة ليشير إلى الملابس العربية إلا أنه قد يكون مكونا من “سرك” يعني “شرق” و”لاند” يعني “أرض” أي “أرض الشرق”.
وهناك أحجار رونية أخرى تتحدث هي الأخرى عن أرض العرب من قبيل حجر تيلينغه الروني، كما أن العديد من الساغات (الملاحم الإسكندنافية) تذكر اسم أرض الخلافة العربية العباسية من قبيل ملاحم إينغلينغا، وسورلا، وسيغورذار يورسالافارا وهيالمثس وأولفيس.
توجد حوالي 26 من الأحجار كتبت جميعها بالخط الروني، 24 منها على بحيرة مئلارن بمنطقة “اوبلاند” السويدية، تذكر جميعها رحلة إينغفار إلى سركلاند (أرض الخلافة العربية)، وقد كان الهدف ليس الحرب بل فتح طريق فولغا للتجارة بعد سقوط حكم البلغار، وأحد هذه الأحجار الذي تم نصبه سنة 1040 في قصر غريبسهولم يتحدث عن وفاة إينغفار في الشرق إلا أن الكتابة تؤكد أن إينغفار بعث بعض الذهب إلى السويد.
اللغة العربية ثاني أكبر لغة في السويد
وبعد أول لقاء عربي سويدي قبل 1100 سنة عندما كان العرب في ذروة الحضارة، يقيم اليوم في السويد حوالي 500 ألف شخص يتحدثون العربية، ويمكن ان يكون أكثر من هذا العدد، جاء معظمهم كلاجئين هاربين من الحروب والكوارث ليصبحوا مواطنين يتقاسمون الحقوق والوطن مع السكان الأصليين.
ووفقا لتقرير نشرته إذاعة السويد الناطقة بالعربية نقلاً عن تقديرات جديدة أجراها اللغوي ميكاييل باركفال، أستاذ مادة اللسانيات في جامعة ستوكهولم، والتي تؤكد أن اللغة العربية أصبحت تحتل المرتبة الثانية كلغة أم في السويد، لتتفوق على اللغة الفنلندية التي تراجعت للمركز الثالث.
قائمة ببعض الكلمات العربية في اللغة السويدية مع سنة انتقالها:
Albatross (1783) القطرس، طائر بحري كبير
Algebra (1643) علم الجبر
Algoritm (1904) الخوارزميات من الخوارزمي
Ambra (1500) العنبر، الكهرمان
Amiral (1500) أمير البحر، الأميرال
Anil (1625) و Anilin (1841) النيلي، الأزرق النيلي
Arrak (1667) عرق
Banan (1667) موز، بنان الموز (اصابع الموز)
Cafeteria (1945) مقهى، القهوة
Cigarr (1786) سيجارة، سجر التنُّورَ: ملأه وقودًا وأحماه، تؤكد القواميس السويدية أن الكلمة جاءت من العربية غير الإسبانية بمعنى الحارق والمشتعل
Durra (1794) ذرة
Gitarr (1662) قيثارة
Henna (1795) حناء
Kabel (1520) حبل
Kaffe (1658) قهوة
Kali (1694) قلوي
Mastaba (1912) مصطبة
Mocka (1792) نوع من القهوة نسبة إلى مدينة مخا اليمنية
Muslin (1712) موصلي، نوع من القماش
Mysk (1654) مسك
Razzia (1880) غزوة، غارة
Samum (1744) سموم
Sesam (1682) سمسم
Sesam öppna dig! (1855) افتح يا سمسم!
Siffra (1500) رقم، نسبة إلى رقم الصفر
Sirap (1637) شراب
Sorbet (1660) مشروب
Tariff (1670) تعرفة
حتى كلمة زكاة أصبحت كلمة لأكبر مؤسسة مالية سويدية وهي هيئة الضرائب السويدية Skatt
هناك المئات من الكلمات الأخرى في اللغة السويدية مثلها مثل شقيقاتها الإسكندنافية واللغات الأوروبية الأخرى لا يمكن نقله أما الكلمات التي وصلت حديثا للغة السويدية :
Falafel فلافل
Kebab كباب
Kalabalik الفوضى /قلابالغ
Djellaba جلبه
Vadi وادي
Sadi سادي
Habibi حبيبي
Haram حرام
Sharaf شرف
Inshallah أن شاء الله
وللأسف يستخدمها السويديون للوعد الذي لا يتم تحقيقه أو تلبيته.
Amo عمو
Wallah القسم بالله
Yani يعني
Yallah Yallah يلا يلا
Sho شو
Shorts شرطة
Chanser خنزير
Homar حمار
Baba بابا
Alla sas على اساس
وبالتأكيد المزيد من الكلمات المتداولة بين الاطفال والمراهقين يمكن أن يتم تسجيلها مستقبلا واضافتها إلى اللغة السويدية.
فاروق الدبّاغ
استشاري في السلوك المعرفي KBT
مقالات الرأي تعبر عن كتابها وليس بالضرورة عن SWED 24