SWED 24 – خاص: مع تصاعد التوترات والمعارك في شمال وشرق سوريا، تتزايد المخاوف من موجة نزوح جديدة قد تدفع سكان المناطق الكردية السورية للنزوح إلى إقليم كردستان العراق بحثًا عن الأمان والاستقرار. هذا النزوح المحتمل قد يشكل خطوة أولى في رحلة طويلة نحو تركيا وأوروبا مما يثير تساؤلات حول مستقبل اللاجئين وتأثير ذلك على المنطقة والعالم.
مستشار بارزاني يستبعد حدوث نزوح كبير ويؤكد على أهمية التفاهمات السياسية
لكن المستشار الإعلامي للزعيم الكردي مسعود بارزاني، الكاتب والباحث السياسي كفاح محمود، استبعد حدوث ذلك ربما في الوقت الحالي، وقال في تصريح خاص لـ SWED 24 “دعنا نكون أكثر تفاؤلا فما يحدث الآن من محادثات بين الجانب الكردي في شمال شرق سوريا وبين القيادة الجديدة يؤشر الى بداية تفاهمات تمنع أي نزوح او لجوء للأهالي خارج المنطقة”.
وأضاف: ” لا اعتقد ان من مصلحة النظام الجديد خلق حالات او تصادمات تؤدي الى هكذا نتائج كارثية، خاصة وان التحدي الكبير والخطير هو بقايا النظام السابق الذين يحاولون لملمة اشلائهم وامتناعهم عن تسليم اسلحتهم وبتشجيع ايراني خفي لوضع العراقيل امام اعادة تنظيم الدولة من قبل الحكام الجدد”.
وأوضح أنه “رغم ذلك فان حكومة اقليم كوردستان واظن حتى الحكومة الاتحادية العراقية تتوقع حدوث شيء من هذا القبيل، رغم ان التعليمات الحالية على الأقل في كوردستان تقضي بعدم استقبال اللاجئين، وهي سارية منذ فترة ليست قصيرة لكن هكذا حوادث ان وقعت لا ينفع معها أي منع كونها حالات انسانية تخضع لتعليمات اممية ضمن اتفاقيات وعهود الأمم المتحدة”.
تصاعد العمليات العسكرية يفاقم معاناة المناطق الكردية في سوريا
تسيطر قوات سوريا الديمقراطية قسد على معظم المناطق الكردية في شمال وشرق سوريا وهي مناطق تعد حيوية واستراتيجية لكنها تعيش في حالة من التوتر المستمر بسبب تصاعد العمليات العسكرية، حيث تستمر الاشتباكات بين قسد والقوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها على طول الحدود الشمالية مع تهديدات تركية بشن عمليات عسكرية جديدة داخل الأراضي السورية.
إلى جانب ذلك، تعاني هذه المناطق من أوضاع اقتصادية صعبة مع العقوبات ونقص الموارد الأساسية نتيجة الحرب المستمرة وتدهور الخدمات في مناطق الإدارة الذاتية مما يدفع السكان للبحث عن فرص حياة أفضل. كما أن الأزمة الإنسانية المستمرة تجعل من الصعب على المنظمات الإنسانية تقديم المساعدة بشكل فعال.
كفاح محمود: الإقليم يرفض تسهيل الهجرة غير القانونية
إقليم كردستان العراق يعتبر الوجهة الطبيعية الأولى للأكراد السوريين نظرا للتقارب الثقافي واللغوي ووجود شبكات اجتماعية وعائلية تربط الأكراد في سوريا بالإقليم. كما يتمتع الإقليم باستقرار كبير مقارنة بالمناطق الكردية السورية ويوفر ملاذًا آمنًا للعديد من النازحين منذ بداية الأزمة. علاوة على ذلك، يرى كثيرون في إقليم كردستان نقطة عبور إلى تركيا ومنها إلى أوروبا عبر طرق الهجرة غير الشرعية.
اللاجئون قد يتوجهون أولًا إلى إقليم كردستان العراق عبر معبر فيشخابور بحثًا عن الأمان وفرص العمل. هذا الإقليم الذي استقبل مئات الآلاف من اللاجئين السوريين منذ 2011 قد يواجه تحديات إضافية إذا تزايدت الأعداد.
من كردستان العراق، قد يحاول اللاجئون الوصول إلى تركيا باستخدام شبكات التهريب. ورغم الرقابة الشديدة على الحدود بين الإقليم وتركيا فإنها ليست مغلقة تمامًا أمام المهربين. ومن تركيا يبدأ الطريق نحو أوروبا حيث تُعد تركيا نقطة الانطلاق الرئيسية للمهاجرين. لكن هذه الرحلة محفوفة بالمخاطر، خصوصًا مع اشتداد الضغط الاقتصادي والسياسي في تركيا.
التكاليف الباهظة تجعل الهجرة عبر شبكات التهريب صعبة على الكثيرين إضافة إلى الظروف الإنسانية القاسية التي يواجهها اللاجئون أثناء عبورهم الحدود أو أثناء انتظارهم للمساعدة.
وحول تقيم المستشار كفاح محمود للدور الذي يمكن أن يلعبه الإقليم في منع تحوّل هذه الموجة إلى بوابة للهجرة غير الشرعية نحو تركيا وأوروبا؟ قال لا اعتقد بان سلطات الاقليم تسمح بتدفق اللاجئين الى تركيا الا عن طريق مكاتب الأمم المتحدة في عاصمة اقليم كوردستان، وقوانين الاقليم لا تسمح بالمطلق الهجرة غير الشرعية لا لسكانها ولا للاجئين.
البحث عن الأمان في كردستان العراق
في مقابلات مع لاجئين فروا من المناطق الكردية السورية إلى كردستان العراق يقول أحمد 35 عاما أحد النازحين: نحن نعيش تحت تهديد دائم. حتى إذا لم تبدأ معركة الآن فإننا نعلم أنها قد تبدأ غدا. لا يمكننا البقاء هنا إلى الأبد في هذا الوضع. أما هدى 28 عاما وهي أم لطفلين فتقول: انتقلنا إلى كردستان العراق بحثًا عن الأمان لكننا نفكر في الهجرة إلى تركيا أو أوروبا. الحياة هنا صعبة لنا.
المعطيات على الأرض تشير إلى احتمالية موجة نزوح كبيرة إذا استمرت الأوضاع الحالية في التدهور. إذا شنت تركيا عمليات عسكرية جديدة فإن ذلك قد يدفع عشرات الآلاف إلى الفرار نحو كردستان العراق. ومع الضغط المتزايد في المخيمات قد يكون الانتقال إلى تركيا ومنها إلى أوروبا الخيار الوحيد أمام الكثيرين.
الأوضاع في شمال وشرق سوريا وخاصة في المناطق الكردية تمثل قنبلة موقوتة قد تنفجر في شكل موجة نزوح جديدة تؤثر على المنطقة بأكملها. مع ازدياد التوترات العسكرية والأزمة الاقتصادية يبقى المستقبل مجهولًا بالنسبة لسكان هذه المناطق. السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن للمجتمع الدولي التدخل لتجنب هذه الكارثة الإنسانية؟ في ظل غياب حلول سياسية حقيقية يبدو أن الأكراد السوريين قد يجدون أنفسهم مرة أخرى على طريق النزوح الطويل نحو المجهول.
حكومة كردستان تتحمل عبئًا ثقيلاً في ظل غياب الدعم الكافي
ورداً على سؤال حول كيف يمكن للمجتمع الدولي أو المنظمات الإنسانية تقديم الدعم لإقليم كردستان في ظل الأعباء المتوقعة؟ وما هي الجوانب التي تحتاج إلى تدخل فوري؟ قال المستشار محمود: ” للأسف الشديد ما يزال الدعم الأممي والعراقي دون المستوى المطلوب وتتحمل حكومة الأقليم عبئا ثقيلا في تقديم الخدمات لمئات الألاف من النازحين العراقيين نتيجة الارهاب الذي تعرضت له مدنهم او اللاجئين من سوريا وتركيا وإيران.
وأضاف: باستثناء مساعدات مهمة قدمتها حكومة الامارات العربية المتحدة بالتعاون مع مؤسسة البارزاني الخيرية وهي مؤسسة غير حكومية تضطلع بتقديم مساعدات فورية انسانية في كافة محافظات العراق وفي سوريا حيث كان لها دور متميز ايام ضربت الزلازل مناطق في سوريا وتركيا.
وأوضح أنه وامام الازمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها الاقليم نتيجة ايقاف حكومة بغداد تصدير نفطه منذ اذار 2023 تواجه حكومة كردستان مصاعب كبيرة في تلبية حاجيات ما يقرب من مليون نازح ولاجئ من سوريا وتركيا وإيران خاصة وان حكومة العراق غير مهتمة تماما بهؤلاء النازحين واللاجئين ومساعدات الامم المتحدة تكاد تكون رمزية.