كتب يوناس غارديل مقالاً مطولاً للرأي في صحيفة “اكسبرسن” بعنوان “حرق الكتب لا يتعلق بحرية التعبير”، انتقد فيه اليميني المتطرف راسموس بالودان وحرقه للقرآن والأراء التي ترى في تصرفه على أنه حرية تعبير.
وقال غارديل وهو كاتب سويدي وفنان ومساهم في الصفحة الثقافية بصحيفة “اكسبرسن”: انه لمن السذاجة اتخاذ موقف يؤيد حق راسموس في حرق القرآن ومغازلة ما يقوم به كما لو كان المرء يتخذ موقفاً سياسياً شجاعاً.
وأضاف غارديل: “أنا مصدوم قليلاً من ان العديد من المثقفين والمحاورين السويديين يدافعون عن حرق الكتب، بل وينظرون الى ذلك انها مسألة حرية تعبير”.
واستشهد غارديل في مقاله بالنازيين الذين استولوا على المانيا وأعلنوا عن حملتهم ضد الثقافة “غير الألمانية”، ومن بين ما أقدموا على فعله حينها اقتحام معهد العلوم الجنسية، والذي كان اول مركز الماني للمثليين. حيث دخلوا وحطموا ما في الداخل وقتلوا موظفي المعهد وسرقوا المكتبة بأكملها.
وتابع القول: “بعد بضعة أسابيع في برلين، وتحديداً في 10 مايو/ نيسان 1933، أُحرقت جميع الكتب المسروقة وأبحاث المعهد على نار في محرقة كتب كبيرة الى جانب مؤلفات أخرى اعتبرت “غير ألمانية”، تعود لليهود والماركسيين وما الى ذلك”، معتقدين ان هذا من شأنه أن يطهر الأمة الألمانية.
وقال: “ان حرق الكتب لا يعني التعبير عن رأي بل هو عنف، وهو دائماً محاولة لمنع حرية التعبير. ان جعل حرق الكتب رمزاً لحرية التعبير، هو بالأحرى مثال على اللغة الأورويلية الجديدة”.
“حتى في السويد العلمانية، نحتاج الى المقدس، الذي لا يجب ان نلمسه او ندمره”
ومما قاله غارديل أيضا في مقاله: عندما كتبت كتبي اللاهوتية منذ سنوات عدة “عن الله” و “عن يسوع”، عبر العديد في الكنيسة السويدية عن الاستياء الشديد، وكان من بين القساوسة من طالب بتنظيم موقد للكتاب يحرقون فيه كتبي، الأمر الذي لا يختلف عما حدث في برلين في عام 1933، لقد كان الأمر بالطبع فظيعاً.
لكن مقابل ذلك كان هناك من كتب كتباً مضادة لما كتبته وجادلته في كتبي كما ألقيت محاضرات لتفنيد النصوص التي كُتبت ضدي، الأمر الذي ما زلت اعتبره مشرفاً وصحيحاً. انها حرية التعبير”.
تجد السويد العلمانية أحياناً صعوبة في فهم مدى تدين أجزاء كبيرة من العالم. يعتقد المرء أنه تخلص من “القصص الخيالية” و”المعتقدات الخرافية” التي يمثلها الدين”.
حرية التعبير “نوع من الدين”
وقال غارديل ان حرية التعبير هي ايضاً نوع من “الدين” واستشهد بكتاب يوفال نوح هراري في كتابه الأكثر مبيعاً “الإنسان العاقل” وما قاله من أنه “لا توجه آلهة ولا أمم ولا مال ولا حقوق انسان ولا قوانين ولا عدالة خارج العالم المشترك للخيال البشري”.
وذكر، ان وضع حرية التعبير فوق كل الحريات والحقوق الأخرى هي الأصولية، والأصولية دائماً خطرة وان هناك حدود لكل الحريات والحقوق.
وأضاف: من بين ما لدينا قوانين مناهضة للتمييز تنظم ما نقوله أو نكتبه عن بعض الفئات المستضعفة. وبصفتي مثلي الجنس، أنا ممتن للغاية من ذلك.
وقال: “حرية الكلام ليست قانون الطبيعة. بل تحتاج الى ان يحميها قانوننا المدني، ولكن علينا ايضا مناقشة ما هي حدود ذلك”.
وقبل ان يختم، كتب يوناس غارديل، موضحاً: ان هناك شيئين لا يمكنك الحصول على ما يكفي منهما في هذا العالم. الحب والمعرفة. لا تتردد في ابعاد نفسك عما لا يعجبك مما تقرأه لكن لا تلحق الضرر بالكتب نفسها. فالكتب مثل اللبنات الأساسية للقلعة الغريبة والمتناقضة التي هي الإنسانية”، حسب وصفه.
ودعا غارديل في ختام مقاله الى “حظر حرق أي كتاب”.