في ظل انشغال العالم بمواجهة فيروس كورونا وتداعياته، ينتشر فيروس غرب النيل في صمتٍ قاتل، مُهددًا الملايين حول العالم، خاصةً مع غياب لقاح أو علاج فعال. ولم يَعُد الفيروس مجرد تهديد نظري، بل تحوّل إلى خطرٍ داهم طال أحد أبرز رموز مكافحة الأوبئة في العالم.. الدكتور أنتوني فاوتشي.
فبعد مسيرة حافلة في مواجهة أخطر الأمراض، سقط فاوتشي، الذي قاد الجهود الأمريكية لمكافحة كوفيد-19، ضحيةً لفيروس غرب النيل، ليُنقل إلى المستشفى في حادثة أطلقت صفارات الإنذار حول خطورة هذا الفيروس الذي يُصنّفه البعض ضمن الأمراض “المُهمَلة”.
رحلة فيروس قاتل.. من أدغال أفريقيا إلى حديقة “فاوتشي”
اكتُشف فيروس غرب النيل لأول مرة في أوغندا عام 1930، لينتشر بعدها في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا. وينتقل الفيروس عن طريق لدغات البعوض الحامل له، والتي تُصبح أكثر انتشارًا مع ارتفاع درجات الحرارة بسبب تغيّر المناخ.
تُشبه أعراض فيروس غرب النيل في مراحلها الأولى أعراض الإنفلونزا العادية، مثل الحمى والصداع والإعياء، مما يُصعّب تشخيصه مبكرًا. إلا أن الخطر الحقيقي يكمن في الحالات الخطيرة، حيث يمكن للفيروس أن يُصيب الدماغ والجهاز العصبي، مُسببًا التهاب السحايا والدماغ، ومُخلّفًا تداعيات صحية وخيمة، تتراوح بين الشلل والموت.
العالم أمام “الفيروس المُهمَل”.. فهل من مُنقذ؟
على الرغم من خطورة فيروس غرب النيل، إلا أن البحوث العلمية لإيجاد لقاح أو علاج فعال لا تزال ضئيلةً مقارنةً بأمراض أخرى، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قلّة التمويل وضعف الاهتمام الدولي.
إلا أن إصابة فاوتشي قد تُشكّل نقطة تحوّل في هذا السياق، حيث تأمل “كريستي ماري”، أستاذة طب الأطفال وخبيرة فيروس غرب النيل، أن تُسلّط هذه الحادثة الضوء على أهمية تكثيف الجهود العلمية والطبية لمواجهة هذا الفيروس “المُهمَل”.
من “كورونا” إلى “غرب النيل”.. هل تُصبح “الستيرويدات” حلًا سحريًا؟
بينما لا يزال العالم يبحث عن علاج فعال لفيروس غرب النيل، يُشير البعض إلى إمكانية الاستفادة من التجارب السابقة في مكافحة فيروس كورونا، خاصةً استخدام “الستيرويدات” التي أثبتت فعاليتها في تخفيف الالتهابات وتحسين حالة بعض المرضى.
“الإرادة والتّمويل”.. مفتاح النجاح في مواجهة الخطر الداهم
يُجمع الخبراء على أن القضاء على خطر فيروس غرب النيل يتطلّب تضافر جهود البشرية وتعاونًا دوليًا مثمرًا، بالإضافة إلى توفير التمويل اللازم للأبحاث العلمية وتطوير لقاحات وعلاجات فعّالة. فهل يُدرك العالم خطورة هذا الفيروس “المُهمَل” قبل فوات الأوان؟
المصدر: BBC