قبل عام، عاش يوسف وعائلته كابوسًا لم يتخيلوا حدوثه أبدًا.
في 7 أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، تلقى يوسف مكالمة من شقيقه الذي تورط في عالم الجريمة لسنوات طويلة. الشقيق، الذي نادرًا ما يتواصل معه، أخبره أن الخطر بات وشيكًا. السبب؟ مقتل والدة زعيم العصابة الإجرامية إسماعيل عبدو، وهي الحادثة التي أشعلت دوامة انتقام استهدفت أسر أعضاء العصابات، بغض النظر عن علاقتهم بالجريمة.
هذا ما نشرته صحيفة “افتونبلادت” في تحقيق طويل.
فور تلقي التحذير، حزم يوسف وزوجته وطفليهما أهم ممتلكاتهم وغادروا منزلهم، ليبدأوا رحلة فرار طويلة لم تنته حتى الآن. توقع يوسف في البداية أن الغياب لن يستمر طويلاً، لكنه اكتشف بعد أشهر من التنقل بين أماكن إيواء مؤقتة في أنحاء البلاد أن العودة إلى حياتهم الطبيعية باتت حلمًا بعيد المنال.
الخسائر النفسية والمادية تتزايد
على مدى عام كامل، تكبدت الأسرة خسائر مالية كبيرة وصلت إلى نحو 300 ألف كرونة. عدم قدرتهم على العمل، وتكاليف الإقامة في أماكن مؤقتة، كل هذا استنزف مدخراتهم بالكامل. في الوقت نفسه، عاشوا تحت تهديدات مستمرة، حيث رصدوا محاولات من أشخاص مجهولين للاقتراب من منزلهم القديم، بما في ذلك محاولات إشعال النيران في ممتلكاتهم.
أطفال يوسف في البداية ظنوا أن ما يعيشونه مغامرة مؤقتة، لكن مع مرور الوقت بدأوا يعانون من اضطرابات نفسية، بما في ذلك نوبات الذعر التي كانت توقظهم ليلاً. بمرور الوقت، ومع استقرار الأسرة أخيرًا في مكان جديد، تمكن الأطفال من العودة إلى المدرسة وبدأوا في التأقلم ببطء مع الوضع الجديد.
بداية جديدة في مكان بعيد
بعد عام من المعاناة، وجدت الأسرة مكانًا جديدًا للعيش في منطقة ريفية بعيدة عن مدينتهم الأصلية. يوسف وزوجته حصلا على وظائف جديدة، ويعملان الآن على إعادة بناء حياتهما ومدخراتهما. لكن وعلى الرغم من هذه الخطوات، يشعر يوسف أن حياته قد بدأت من الصفر مجددًا، وكأنه تخرج للتو من المدرسة الثانوية، على حد تعبيره.
يشعر يوسف بإحباط كبير من تعامل السلطات مع قضيتهم. عند بداية هروبهم، حصلوا على القليل من الدعم المالي وبعض النصائح، إلا أن هذا لم يكن كافيًا. يوسف يرى أن جميع النصائح التي تلقوها كان بإمكانهم العثور عليها بسهولة عبر الإنترنت، ما جعله يفقد ثقته في الجهات المسؤولة.
ولكن خيبة الأمل الأكبر جاءت من شقيقه، الذي تورط في عالم الجريمة وكان السبب الرئيسي في هذا الكابوس. بالنسبة ليوسف، لم يعد هناك مجال للمغفرة، حتى وإن كان هذا الشخص شقيقه.
بعد كل ما مروا به، اتخذت الأسرة قرارًا نهائيًا بعدم العودة إلى مدينتهم الأصلية أبدًا. المكان الذي كان يومًا ما يمثل حياتهم الطبيعية بات الآن مليئًا بالمخاطر، واستقرت الأسرة على العيش في مكان آمن وبعيد، حيث يمكنهم محاولة إعادة بناء حياتهم دون خوف من العودة إلى الوراء.