ستوكهولم – صحافة سويدية: شهدت السويد عملية مداهمة واسعة الأسبوع الماضي استهدفت عدداً من الشخصيات البارزة في قطاع الرعاية الصحية، في إطار تحقيقات تتعلق بغسل الأموال والتهرب الضريبي. وأسفرت العملية، وفق صحيفة expressen.se التي نُفذت في منطقة يوتوبوري، عن اعتقال خمسة أشخاص، من بينهم شخصيات إدارية بارزة في شركات الرعاية الصحية، حيث وُجهت إليهم اتهامات بالثراء غير المشروع على حساب نظام الرفاهية السويدي.
تحقيقات مشتركة بمشاركة سلطات متعددة
نُفذت العملية بالتعاون بين وحدة الجرائم الاقتصادية (Ekobrottsmyndigheten)، ومصلحة الضرائب السويدية (Skatteverket)، ومفتشية الرعاية الصحية (IVO)، حيث داهمت السلطات عدة مراكز رعاية صحية وعيادات تطعيم مرتبطة بالمشتبه بهم. وخلال عمليات التفتيش، تم مصادرة عدة سيارات فاخرة، وقارب بمحرك، وساعات ثمينة، إلى جانب الكشف عن عمليات مالية يُعتقد أنها تضمنت إخفاء ملايين الكرونات من الضرائب. كما أفادت التحقيقات الأولية أن جزءًا من هذه الأموال استُخدم لتمويل عقار خاص بقيمة 20 مليون كرونة سويدية.
مشاركة جهاز الأمن السويدي (Säpo) في القضية
أثار وجود جهاز الأمن السويدي (Säpo) في عمليات التفتيش تساؤلات حول الأبعاد الأمنية للقضية، لكن حتى الآن لم تكشف السلطات عن الأسباب الدقيقة وراء اهتمام Säpo بالقضية. وأكدت كاتارينا كيبليروس، المدعية العامة المسؤولة عن التحقيق، أن تعاون Säpo جاء بناءً على مؤشرات اعتبرها الجهاز مثيرة للاهتمام، لكنها امتنعت عن الخوض في تفاصيل إضافية بسبب حساسية القضية.
صلات محتملة مع الحرس الثوري الإيراني
كشفت صحيفة Expressen السويدية عن معلومات تفيد بأن أحد المتهمين الرئيسيين في القضية، والذي يشغل منصب المدير التنفيذي لعدة شركات رعاية صحية، قام مرارًا بتأييد ودعم الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس التابع له. ووفقًا لمراجعة الصحيفة لمنشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أشاد هذا الشخص بقاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذي قُتل في غارة أمريكية عام 2020، ونعاه بوصفه “القائد المحبوب”. كما نشر صورة لابنه الصغير مرتديًا زي فيلق القدس، وهو الأمر الذي وصفه خبير مكافحة الإرهاب، ماغنوس رانستورب، بأنه يثير مخاوف أمنية كبيرة.
السلطات تواصل التحقيق في مسار الأموال
فيما يتعلق بالجانب المالي للقضية، أكدت المدعية العامة كاتارينا كيبليروس أن التحقيق يركز حاليًا على تتبع الأموال المشبوهة، ومعرفة ما إذا كانت هناك أي ارتباطات مالية مع جهات أجنبية، لكنها شددت على أن التحقيق لا يزال في مراحله المبكرة، ولا يمكن الجزم بأي نتائج حتى الآن.
ردود فعل ومخاوف أمنية
علّق الباحث في مجال مكافحة الإرهاب ماغنوس رانستورب على القضية، قائلًا إن دعم فيلق القدس بهذه الصورة يعد أمرًا مقلقًا للغاية، نظرًا لأن هذا الكيان مرتبط بدعم منظمات مصنفة إرهابية مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي. وأضاف رانستورب أن فيلق القدس كان له دور كبير في تنفيذ عمليات سرية ودعم جماعات مسلحة عبر الشرق الأوسط، مما يجعل أي صلات محتملة مع هذه الجهات في السويد مثيرة للقلق الأمني.
المتهمون ينكرون جميع التهم
في المقابل، نفى جميع المتهمين التهم الموجهة إليهم، مؤكدين أنهم لم يرتكبوا أي مخالفات قانونية، ولا يزال التحقيق جاريًا لتحديد مدى تورطهم في قضية الفساد المالي والتعاملات المشبوهة.
تأتي هذه القضية في ظل تشديد السويد لرقابتها على المؤسسات المالية والرعاية الصحية، وسط مطالبات بمراجعة الأنظمة الرقابية لضمان عدم استغلال الأموال العامة في أنشطة غير قانونية.