ستوكهولم – SWED 24: دخل الصحفي السويدي يوآكيم مدين، المراسل في صحيفة Dagens ETC، يومه السادس في الحجز التركي، بعد أن تم توقيفه فور وصوله إلى إسطنبول الخميس الماضي، وذلك على خلفية اتهامات تتعلق بالإرهاب ومزاعم بمشاركته في حادثة رفع دمية تمثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خارج مبنى بلدية ستوكهولم عام 2023.
الحادثة التي أثارت حينها غضب أنقرة، تعود للواجهة مجدداً الآن، إذ تشير السلطات التركية إلى أن مدين متهم بالضلوع في هذه الواقعة، بالإضافة إلى صلات مزعومة بتنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK)، المصنّف كمنظمة إرهابية في تركيا والاتحاد الأوروبي. لكن رئيس تحرير Dagens ETC، أندرياس غوستافسون، وصف التهم بأنها “جائرة وكاذبة تماماً”، قائلاً في تصريح للتلفزيون السويدي (SVT): “لا علاقة لمدين بأي من هذه الادعاءات، وهو محتجز فقط لأنه صحفي”.
قلق في الأوساط الإعلامية السويدية والدولية
أثار اعتقال مدين احتجاجات داخل السويد، من بينها وقفة تضامنية في ستوكهولم للمطالبة بالإفراج عنه. لكن الصحفي والناشط السويدي-الكردي كوردا باكسي عبّر عن خيبة أمله من ضعف التفاعل، خصوصاً من أبناء الجالية التركية، قائلاً: “يبدو أن أردوغان نجح في تصدير سياسة تكميم الأفواه إلى أوروبا”.
وأضاف باكسي في حديثه لـSVT: “أخشى أن يكون يوآكيم مدين مجرد ورقة في لعبة أردوغان السياسية القذرة”، مشيراً إلى أن السلطات التركية تحاول تصوير الأمر كجزء من “مؤامرة خارجية” ضدها.
السويد في موقف حساس… هل يُستخدم مدين كورقة تفاوضية؟
ألمح باكسي إلى أن جنسية مدين قد تكون جزءاً من أسباب استمرار اعتقاله، قائلاً: “لو كان بريطانياً، لكان قد خرج منذ أيام. بريطانيا دولة كبرى لا يمكن لتركيا مجابهتها، بينما السويد بلد صغير نسبياً من السهل التصعيد ضده”.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس للعلاقات السويدية-التركية، لا سيما في ظل انضمام السويد مؤخراً لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وفي ظل ما يشهده الداخل التركي من احتجاجات سياسية واضطرابات واسعة، من بينها اعتقال معارضين بارزين للرئيس أردوغان.
الموقف الرسمي السويدي
من جهته، صرّح رئيس الوزراء أولف كريسترشون أن الحكومة تعمل بشكل مكثف لمتابعة القضية، مؤكداً أن ملف مدين سيُطرح خلال الاجتماع المرتقب لحلف الناتو يوم الخميس. كما أكدت وزارة الخارجية السويدية أنها تتابع الوضع عن كثب، وتوفر الدعم القنصلي للمعتقل.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن تحرّك الحكومة السويدية “بطيء جداً”، ولا يرقى إلى حجم الانتهاك الحاصل ضد حرية الصحافة.
سياق أوسع من القمع الإعلامي
بحسب منظمة مراسلون بلا حدود، اعتُقل نحو 150 صحفياً في تركيا منذ وصول أردوغان إلى السلطة في 2014، معظمهم من المواطنين الأتراك، لكن هناك حالات لصحفيين أجانب أيضاً. واعتُقل مؤخراً مراسل BBC مارك لوين والمصور ياسين أكغُل أثناء تغطيتهما للاحتجاجات، وتم الإفراج عنهما بعد يوم وثلاثة أيام على التوالي.
لكن حالة مدين، بحسب باكسي، “أكثر تعقيداً”، مشيراً إلى أن البيان الرسمي الصادر عن الهيئة الإعلامية التركية يحمل نبرة شيطنة واضحة، ويؤكد أن الأمر لا يتعلق بعمله الصحفي، مما يرفع من خطورة الموقف.
الجدير بالذكر أن يوآكيم مدين صحفي معروف بعمله الاستقصائي، وسبق له أن غطى ملفات حساسة في الشرق الأوسط، من بينها قضايا تتعلق بالحريات، حقوق الإنسان، والصراع الكردي-التركي.
هل سيكون هذا الصحفي السويدي ضحية جديدة في معركة سياسية مفتوحة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.