في أعماق غابات ولاية مينيسوتا الأمريكية، يقع منتزه “جَادج سي آر ماجني” الذي يُخفي بين أحضان طبيعته الخضراء لغزًا مائيًا يحير العلماء ويُثير فضول الزوار منذ سنوات طويلة. إنها “غلاية الشيطان” (The Devil’s Kettle) ، ذلك الشلال الذي يتحدى قوانين الفيزياء ويُعاند محاولات تفسير مساره.
فعلى مدّ بصرك، ينساب نهر “برول” بهدوء وسكينة، ليصطدم بكتلة صخرية ضخمة فينقسم إلى شلالين يسلكان طريقين مختلفين. الأول يسقط بشكل طبيعي متّجهاً نحو الأرض، أما الثاني فينساب عبر فتحة صخرية داكنة لتُغيب مياهه في باطن الأرض دون أن يدري أحد إلى أين تتجه أو أين ينتهي بها المطاف.
رحلة بحث عن إجابة شاقة وغير مثمرة
لم يرضخ العلماء لـ”غلاية الشيطان” واستسلموا لغموضها، بل شنّوا عدة محاولات علمية كبيرة لفكّ شفرتها وكشف مسار مياهها المختفية. من بين أبرز النظريات التي تمّ طرحها:
- النهر الجوفيّ الخفيّ: اعتقد البعض بأنّ المياه التي تختفي في “غلاية الشيطان” تُغذي نهراً جوفيّاً ضخماً يسير تحت الأرض. لكن سرعان ما اصطدمت هذه النظرية بوجود صخور “الجرانيت” الصلبة والتي تُشكل الطبقة الصخرية للمنطقة وتجعل من تشكّل أنهار جوفية واسعة أمراً مستبعداً.
- صدع جيولوجي عميق: افترضت نظرية أخرى وجود صدع كبير في الطبقات الصخرية تحت “غلاية الشيطان” يتسبب في ابتلاع مياه النهر. لكن لم يُعثر على أي دليل جيولوجيّ يدعم هذه الفرضية حتى الآن.
- أنابيب الحمم البركانية: تخيّل البعض وجود شبكة من أنابيب الحمم البركانية القديمة تحت المنطقة، وأنّ مياه “غلاية الشيطان” تتدفق عبر هذه الأنابيب. لكن هذه النظرية أيضاً تفتقر إلى الدلائل القاطعة.
2017: هل انتهى اللغز حقاً؟
في عام 2017، أعلنت وزارة الموارد الطبيعية في مينيسوتا أنّها تمكّنت من حلّ لغز “غلاية الشيطان” وذلك من خلال دراسة مُعدّل تدفق المياه وتتبّع مسار الأصباغ التي تم إلقاؤها في النهر.
وخلصت الدراسة إلى أنّ المياه التي تختفي تعود وتظهر في نقطة معينة في مجرى نهر “برول”. لكن العديد من الباحثين شكّكوا في هذه النتائج واعتبروا أنّها لا تفسر بشكل قاطع مصير كافة المياه التي تتدفق في “غلاية الشيطان”.
“غلاية الشيطان”: وجهة سياحية تُثير الفضول
بغضّ النظر عن الغموض الذي يُحيط بها، تُعدّ “غلاية الشيطان” وجهة سياحية مميّزة في ولاية مينيسوتا، حيث يتوافد الزوار لمشاهدة هذه الظاهرة الطبيعية الغريبة واختبار جمال الطبيعة الخضراء التي تُحيط بها.
يبقى لغز “غلاية الشيطان” دليلاً على عظمة وإبداع الطبيعة، وعلى قدرتها على إثارة دهشة الإنسان وحيره. فهل سينجح العلم يوماً في فكّ طلاسم هذه الظاهرة وكشف سرّها؟
المصدر: Lake Superior Circle Tour