ستوكهولم – صحافة سويدية: نشرت صحيفة DN السويدية اليوم ( المصدر بالسويدية انقر هنا)، مقالا بقلم الصحفي سعيد النحال، تناول الشأن السوري بعد مائة يوم على سقوط نظام بشار الأسد.
وقال المقال: “تشهد سوريا تحولات جذرية على مختلف المستويات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية. هذه المرحلة الجديدة تعيد تشكيل ملامح الدولة بعد عقود من حكم حزب البعث وعائلة الأسد، وسط تحديات داخلية وإقليمية ودولية”.
انهيار نظام الأسد وبداية مرحلة جديدة
ومما جاء في المقال: “في نهاية نوفمبر 2024، تمكنت قوات المعارضة السورية من السيطرة على حلب بعد هجوم خاطف، مما دفع النظام إلى التراجع السريع، ممهداً الطريق نحو دمشق. وفي 8 ديسمبر، غادر بشار الأسد البلاد متجهاً إلى موسكو، بينما دخلت المعارضة العاصمة دون مقاومة كبيرة، ما أدى إلى سقوط حزب البعث ونظام الأسد الذي استمر أكثر من خمسة عقود.
أعلن أحمد الشرع، المعروف سابقًا بـ أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، عن بداية عهد جديد في سوريا، بعد أن تمكن من تثبيت حكمه بدعم من شركائه العسكريين.
حكومة جديدة بقرارات سريعة
بعد سقوط النظام، تولى الشرع منصب الرئيس المؤقت، معتمداً على قادة الفصائل المسلحة التي كانت تدير إدلب سابقًا. تم حل الجيش والشرطة وأجهزة الاستخبارات، كما أُلغيت الدستور السابق، واستولت الحكومة الجديدة على الحكم في دمشق.
منذ ذلك الحين، استقبل الشرع عدداً من الزعماء الإقليميين ومسؤولين من الاتحاد الأوروبي أكثر مما استقبلهم الأسد طوال 24 عامًا من الحكم. كما أجرى زيارات رسمية إلى عدة دول في المنطقة في محاولة لكسب الاعتراف الدولي.
تحسن في بعض القطاعات الاقتصادية وسط أوضاع معقدة
مع تغير النظام، شهدت الليرة السورية تحسنًا ملحوظًا، مما أدى إلى انخفاض أسعار بعض السلع التي كانت نادرة في الأسواق مثل الأفوكادو والمشروبات الغازية. كما بات الوقود متاحًا بصورة أكبر، لكن الكهرباء لا تزال مقيدة بساعة واحدة فقط يوميًا.
شهد سوق السيارات انهيارًا في الأسعار بنسبة 90%، كما انخفضت أسعار الهواتف المحمولة إلى النصف بعد تخفيض الضرائب الجمركية. ومع ذلك، فإن الاستثمارات لا تزال شبه متوقفة بسبب المخاوف من عدم الاستقرار السياسي والأمني.
الاتحاد الأوروبي قام بتخفيف العقوبات، فيما زادت السويد مساعداتها الإنسانية لسوريا. أما الولايات المتحدة، فلا تزال تحافظ على العقوبات الاقتصادية مع بعض الاستثناءات للمساعدات الإنسانية، مما يعيق عمليات التحويلات المصرفية والاقتصادية.
الأقلية العلوية بين النزوح والاضطرابات
مع سقوط النظام، فرّ آلاف العلويين إلى القرى الساحلية، بينما أعلنت الحكومة الجديدة عفواً عاماً لأفراد الجيش من الرتب الدنيا والمتوسطة مقابل إلقاء السلاح. ومع ذلك، لم يمنع هذا الإجراء وقوع تمرد من الموالين للنظام السابق في 6 مارس، حيث اندلعت مواجهات أسفرت عن مقتل المئات من المدنيين والمسلحين.
قامت الحكومة المؤقتة بقمع التمرد، لكن ذلك تبعه هجمات انتقامية استهدفت قرى علوية، مما أثار قلقًا حول مستقبل التعايش في سوريا. ونتيجة لهذه الاضطرابات، شكل الرئيس لجنة تحقيق للنظر في الأحداث.
في 10 مارس، تم توقيع اتفاق تاريخي بين الحكومة الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية (SDF)، يقضي بدمج قواتها ومؤسساتها في الدولة السورية، وهو تحول سياسي قد يغير خريطة القوى في سوريا.
إعلان دستور مؤقت لفترة انتقالية
في 13 مارس، وقع الشرع على دستور مؤقت، ينص على بقاء اسم الدولة “الجمهورية العربية السورية” مع الإسلام كدين رسمي، لكنه يحد من سلطات الرئيس مقابل منح البرلمان صلاحيات أوسع في التشريع والرقابة. إلا أن الوثيقة لم تحدد بوضوح آلية إقالة الرئيس في حال الضرورة.
كما يضمن الدستور الجديد حرية الصحافة والتعبير، إضافة إلى حقوق المرأة والحقوق الثقافية واللغوية لجميع السوريين. وتم تجريم تمجيد نظام الأسد أو إنكار الجرائم التي ارتكبها. ويؤكد الدستور على استقلال القضاء، مع تحديد فترة انتقالية مدتها خمس سنوات.
مستقبل سوريا في ظل التغيرات الجديدة
تشهد سوريا اليوم مرحلة غير مسبوقة، حيث تواجه الحكومة الانتقالية تحديات الاعتراف الدولي، وإعادة الإعمار، وتحقيق الاستقرار الأمني. في الوقت نفسه، يبقى التوتر الطائفي والسياسي مصدر قلق رئيسي، فيما تتجه الأنظار إلى كيفية تطبيق الدستور المؤقت ومدى قدرة النظام الجديد على الحفاظ على الأمن وضمان الحقوق المدنية والسياسية لجميع السوريين.