SWED24: في السويد، يقدّر أن عشرات الآلاف من النساء تعرضن للختان، ( وفق ما نشره موقع MITTI) بينما تواجه آلاف الفتيات خطر التعرض له مستقبلاً. ومع ذلك، لا يزال الحديث عن هذه القضية محدوداً للغاية، وفقًا لما تؤكده لول جما، الناشطة في جمعية “Existera “، التي تسعى يومياً لكسر الصمت المحيط بهذه الجريمة وإحداث تغيير حقيقي.
بدأ وعي لول جما بالقضية عندما كانت في المدرسة الإعدادية بمدينة فيستروس. لاحظت أن بعض الفتيات من أصول صومالية، مثلها، كنّ يتغيبن عن المدرسة بانتظام لبضعة أيام كل شهر.
فضولها دفعها لطرح السؤال على صديقتها المقربة، فجاءها الرد الصادم: “أنا مخيطة تماماً، وعندما تأتي الدورة الشهرية لا يمكنها الخروج بسهولة، أشعر بألم شديد”.
تقول لول: “كانت صدمة كبيرة لي، تماماً كما كانت صدمة لصديقتي أنني لم أكن أعرف شيئاً عن هذا الموضوع”.
عشرات الآلاف من الضحايا في السويد
وفقاً لتقديرات مجلس الخدمات الاجتماعية السويدي (Socialstyrelsen) لعام 2021، فإن نحو 68,000 امرأة في السويد قد تعرضن للختان، بينما يواجه ما بين 13,000 و23,000 فتاة خطر الخضوع له، لكن الأعداد الحقيقية قد تكون أعلى بسبب التعتيم الاجتماعي.
وفي الصومال، تخضع 98 بالمائة من الفتيات للختان، وفقاً لمنظمة أنقذوا الأطفال (Save the Children). لكن والدة لول جما كانت من بين الأقلية التي رفضت الخضوع للضغوط المجتمعية، وأنقذت ابنتها من هذه الممارسة القاسية.
تقول لول جما إن وعيها بالقضية ازداد عندما لاحظت أن معاناة صديقاتها كانت غير مرئية للمجتمع.
“لماذا لم يتساءل أحد عن غياب الفتيات المتكرر؟ لماذا لم يسأل أحد لماذا لا يستطعن السباحة أو ركوب الدراجات؟”
إحساسها بالمسؤولية تجاه هذه القضية دفعها إلى تأسيس جمعية “Existera” في عام 2015، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى دعم النساء المتضررات وتعزيز الوعي بين المهنيين الذين يتعاملون معهن.
كسر الصمت في يارفا
تنظم الجمعية جلسات دعم في فولكتس هوسبي (Folkets Husby) في يارفا مرتين أسبوعياً، حيث توفر للنساء مساحة آمنة للتحدث عن تجاربهن والتعافي معاً.
تقول لول جما: “في السويد، الجميع متفقون على أن ختان الإناث هو انتهاك مروع، ومع ذلك، هناك تردد كبير في التحدث عنه. البعض يخشى أن يُتهم بالعنصرية، مما يجعل العديد من الأشخاص يتجنبون الإبلاغ عن الحالات”.
كما تأمل المنظمة في توسيع نطاق جلساتها لتشمل مناطق أخرى مثل تينستا ورينكبي.
تضيف جما: “نقوم بتمارين جسدية، ونشجع على الحوار المفتوح. من الضروري أن نتمكن من التعبير عن معاناتنا والعمل على معالجتها. الكثير من النساء يصفن الختان بأنه أسوأ صدمة تعرضن لها في حياتهن”.
ختان الإناث لا يزال يحدث رغم الحظر القانوني
ورغم أن ختان الإناث محظور قانونياً في السويد، إلا أن بعض العائلات لا تزال ترسل بناتها إلى الخارج لإجراء العملية، أو تجريها بشكل غير قانوني داخل السويد.
تتابع لول، قائلة: “أحياناً يقوم أطباء بإجراء العملية سراً، أو يتم ذلك بأيدي غير مختصة باستخدام أدوات بدائية مثل السكاكين أو شظايا الزجاج، وأحياناً بدون أي تخدير”.
وتوضح أن بعض العائلات لا تدرك حتى أن هذه الممارسة غير قانونية في السويد، إذ يعتبرونها مجرد جزء من التقاليد الثقافية.
استعادة الجسد والكرامة
تأمل لول جما أن يساهم نشر الوعي في تشجيع المزيد من الأشخاص على الحديث عن القضية والتبليغ عن أي حالات مشتبه بها.
وتؤكد أن هناك دعماً طبياً متاحاً للنساء اللاتي تعرضن للختان، مثل العمليات الجراحية لإعادة فتح الأنسجة.
تقول جما: “لدى الكثير من النساء اعتقاد خاطئ بأنهن فقدن القدرة على الاستمتاع بالحياة الجنسية بسبب الختان، ولكن الحقيقة أن الجزء الظاهر من البظر ليس سوى جزء صغير منه، بينما الجزء الأكبر داخلي. أجسادنا مذهلة، ويمكننا استعادة حقنا في الشعور بالمتعة والحياة الطبيعية”.
من خلال عملها في “Existera”، تسعى لول جما إلى إعادة الأمل للنساء اللواتي حرمن من السيطرة على أجسادهن وحياتهن، وتشجيعهن على استعادة كرامتهن وحقوقهن الإنسانية الأساسية.